موسوعة الآداب الشرعية

تَمهيدٌ في كونِ الطَّعامِ والشَّرابِ مِن النِّعَمِ العَظيمَةِ


إنَّ نِعَمَ اللهِ تعالى لا تُعَدُّ ولا تُحصى، ومِن هذه النِّعَمِ نِعمةُ الطَّعامِ والشَّرابِ التي لا يُمكِنُ للإنسانِ أن يَعيشَ بدونِها، واللهُ عَزَّ وجَلَّ يَدعو الإنسانَ إلى النَّظَرِ في قُدرَتِه سُبحانَه على تَهيِئةِ هذا الطَّعامِ، والتَّفكُّرِ في أسبابِ تَكَوُّنِه وأحوالِ تَطَوُّرِه إلى أن يَصِلَ إلى الإنسانِ ويَنتَفِعَ به، فيَقولُ: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ [عبس: 24 - 32] .
ويَمتَنُّ اللهُ عَزَّ وجَلَّ على عِبادِه بما جَعَل لهم مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ، فمِن ذلك قَولُه: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141] . وقَولُه: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى [طه: 53-54] .
وقَولُه: وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ [النحل: 5] .
وقَولُه: وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا [النحل: 14] .
 وقَولُه: وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [الحجر: 22] . إلى غَيرِ ذلك مِنَ الآياتِ.
هذه النِّعمةُ التي تَستَوجِبُ مِنَ العَبدِ الشُّكرَ عليها للهِ سُبحانَه؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة: 172] وقال أيضا: فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [النحل: 114] . ومِن شُكرِ اللَّهِ تعالى عليها أن يَلتَزِمَ بآدابِ الطَّعامِ والشَّرابِ التي جاءَ بها الشَّرعُ، وفيما يَلي بَيانُ هذه الآدابِ:

انظر أيضا: