موسوعة الآداب الشرعية

عاشرًا: عَدَمُ ظُلمِه أو تَعذيبِه أوِ احتِقارِه أو اغتيابِه


يَحرُمُ ظُلمُ الخادِمِ أو تَعذيبُه وإيذاؤه أو احتِقارُه أو اغتيابُه.
الدَّليلُ على ذلك مِن الكتابِ والسُّنَّةِ والآثارِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ [إبراهيم: 42] .
2- قال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: 40 - 43] .
3- قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب: 58] .
4- قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: 10 - 13] .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ المَعرورِ بنِ سُوَيدٍ، قال: ((رَأيتُ أبا ذَرٍّ بالرَّبَذةِ وعليه بُردٌ غَليظٌ وعلى غُلامِه مِثلُه، قال: فقال القَومُ: يا أبا ذَرٍّ، لو كُنتَ أخَذتَ الذي على غُلامِك فجَعَلتَه مَعَ هذا فكانت حُلَّةً، وكسَوتَ غُلامَك ثَوبًا غيرَه! قال: فقال أبو ذَرٍّ: إنِّي كُنتُ سابَبتُ رَجُلًا وكانت أمُّه أعجَميَّةً، فعيَّرتُه بأمِّه، فشَكاني إلى رَسولِ اللهِ، فقال: يا أبا ذَرٍّ، إنَّك امرُؤٌ فيك جاهليَّةٌ، قال: إنَّهم إخوانُكُم، فضَّلكُمُ اللهُ عليهم، فمَن لم يُلائِمْكُم فبيعوه، ولا تُعَذِّبوا خَلقَ اللهِ)) [2419] أخرجه أبو داود (5157). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (5157). وأخرجه البخاري (30)، ومسلم (1661) بنَحوِه، ولفظُ البُخاريِّ: عَنِ المَعرورِ، قال: لَقِيتُ أبا ذَرٍّ بالرَّبَذةِ، وعليه حُلَّةٌ، وعلى غُلامِه حُلَّةٌ، فسَألتُه عن ذلك، فقال: ((إنِّي سابَبتُ رَجُلًا فعيَّرتُه بأمِّه، فقال لي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا أبا ذَرٍّ، أعيَّرتَه بأمِّه؟! إنَّك امرُؤٌ فيك جاهليَّةٌ! إخوانُكُم خَوَلُكم، جَعَلهمُ اللهُ تَحتَ أيديكُم، فمَن كان أخوه تَحتَ يَدِه، فليُطعِمْه مِمَّا يَأكُلُ، وليُلبِسْه مِمَّا يَلبَسُ، ولا تُكلِّفوهم ما يَغلِبُهم، فإن كلَّفتُموهم فأعينوهم)). .
وفي رِوايةٍ: ((مَن لاءَمَكُم من مملوكيكم فأطعِموه مِمَّا تَأكُلونَ، واكسُوه مِمَّا تَلبَسونَ، ومَن لم يُلائِمْكُم مِنهم فبيعوه، ولا تُعَذِّبوا خَلقَ اللهِ)) [2420] أخرجها أبو داود (5161) واللفظ له، وأحمد (21483). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (5161)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (5161)، وصحَّح إسنادَه الزيلعي في ((نصب الراية)) (3/276)، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/274). .
قال ابنُ المُلقِّنِ: (فيه النَّهيُ عن سَبِّ العَبيدِ وتعييرِهم بوالِديهم، والحَثُّ على الإحسانِ إليهم، والرِّفقِ بهم، فلا يَجوزُ لأحَدٍ تَعييرُ أحَدٍ بشيءٍ مِنَ المَكروهِ يَعرِفُه في آبائِه وخاصَّةِ نَفسِه، كما نُهيَ عَنِ الفَخرِ بالآباءِ، ويَلحَقُ بالعَبدِ مَن في مَعناه مِن أجيرٍ وخادِمٍ وضَعيفٍ، وكذا الدَّوابُّ، يَنبَغي أن يُحسِنَ إليها، ولا تُكلَّفُ مِنَ العَمَلِ ما لا تُطيقُ الدَّوامَ عليه، فإن كَلَّفه ذلك لزِمَه إعانَتُه عليه بنَفسِه أو بغَيرِه.
وفيه عَدَمُ التَّرَفُّعِ على المُسلمِ، وإن كان عَبدًا أو نَحوهَ مِنَ الضَّعَفةِ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى قال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13] ، وقد تَظاهَرَتِ الدَّلائِلُ على الأمرِ باللُّطفِ بالضَّعَفةِ، وخَفضِ الجَناحِ لهم، وعلى النَّهيِ عَنِ احتِقارِهم والتَّرَفُّعِ عليهم) [2421] ((التَّوضيح)) (3/ 30). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((للمَملوكِ طَعامُه وكِسوتُه، ولا يُكلَّفُ إلَّا ما يُطيقُ، فإن كلَّفتُموهم فأعينوهم، ولا تُعَذِّبوا عِبادَ اللهِ خَلقًا أمثالَكُم)) [2422] أخرجه ابنُ حبان (4313). صحَّحها ابنُ حبان، والألباني في ((صحيح الجامع)) (5192) وأخرجه مسلم (1662) مُختَصَرًا بلفظ: عَن أبي هُرَيرةَ، عَن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((للمَملوكِ طَعامُه وكِسوتُه، ولا يُكلَّفُ مِنَ العَمَلِ إلَّا ما يُطيقُ)). .
3- عن أبي مسعودٍ البَدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كُنتُ أضرِبُ غُلامًا لي بالسَّوطِ، فسَمِعتُ صوتًا مِن خَلفي: اعلَمْ أبا مسعودٍ! فلم أفهَمِ الصَّوتَ من الغَضَبِ، قال: فلمَّا دنا منِّي إذا هو رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم! فإذا هو يقولُ: اعلَمْ أبا مسعودٍ، اعلَمْ أبا مسعودٍ! قال: فألقَيتُ السَّوطَ مِن يدي، فقال: اعلَمْ أبا مسعودٍ أنَّ اللَّهَ أقدَرُ عليك منك على هذا الغُلامِ. قال: فقُلتُ: لا أضرِبُ مملوكًا بعدَه أبدًا)) [2423] أخرجه مسلم (1659). .
وفي رِوايةٍ: ((كُنتُ أضرِبُ غُلامًا لي، فسَمِعتُ مِن خَلفي صَوتًا: اعلَمْ أبا مَسعودٍ، لَلهُ أقدَرُ عليك مِنك عليه! فالتَفَتُّ فإذا هو رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم! فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، هو حُرٌّ لوَجهِ اللهِ! فقال: أمَا لو لم تَفعَلْ للَفَحَتْك النَّارُ، أو: لمَسَّتك النَّارُ!)) [2424] أخرجها مسلم (1659). .
4- عن هِلالِ بنِ يَسَافٍ، قال: ((عَجِلَ شَيخٌ فلطَمَ خادِمًا له، فقال له سُوَيدُ بنُ مُقَرِّنٍ: عَجَزَ عليك إلَّا حُرُّ وَجهِها [2425] حُرُّ الوَجهِ: هو أعتَقُ مَوضِعٍ مِنَ الوَجهِ، وقيل: هو ما أقبَل عليك وبَدا لك مِنه، وقيل: ما بَدا مِنَ الوَجنةِ، وحُرُّ كُلِّ أرضٍ ودارٍ: وسَطُها وأطيَبُها، وحُرُّ الفاكِهةِ والبَقلِ والطِّينِ: جَيِّدُها. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) لأبي منصور الأزهري (3/ 277)، ((المجموع المغيث)) لأبي موسى المديني (1/ 426)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/ 365). ! لقَد رَأيتُني سابعَ سَبعةٍ مِن بَني مُقَرِّنٍ ما لنا خادِمٌ إلَّا واحِدةٌ، لطَمَها أصغَرُنا، فأمَرَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن نُعتِقَها)) [2426] أخرجه مسلم (1658). .
وفي رِوايةٍ: عن سُوَيدِ بنِ مُقَرِّنٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ جاريةً له لطَمَها إنسانٌ، فقال له سُوَيدٌ: أمَا عَلِمتَ أنَّ الصُّورةَ مُحَرَّمةٌ؟! فقال: لقَد رَأيتُني وإنِّي لسابعُ إخوةٍ لي مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وما لنا خادِمٌ غيرُ واحِدٍ، فعَمَدَ أحَدُنا فلطَمَه، فأمَرَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن نُعتِقَه)) [2427] أخرجها مسلم (1658). .
وفي رِوايةٍ عن سَلَمةَ بنِ كُهَيلٍ، عن مُعاويةَ بنِ سُوَيدٍ، قال: ((لطَمتُ مَولًى لنا فهَرَبَت، ثُمَّ جِئتُ قُبَيلَ الظُّهرِ، فصَلَّيتُ خَلفَ أبي، فدَعاه ودَعاني، ثُمَّ قال: امتَثِلْ [2428] امتَثِلْ: قيل مَعناه: عاقِبْه قِصاصًا، وقيل: افعَلْ به مِثلَ ما فعَلَ بك. يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (11/ 128). مِنه! فعَفا، ثُمَّ قال: ((كُنَّا -بَني مُقَرِّنٍ- على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليس لنا إلَّا خادِمٌ واحِدةٌ، فلطَمَها أحَدُنا، فبَلغَ ذلك النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: أعتِقوها، قالوا: ليس لهم خادِمٌ غيرُها! قال: فليستَخدِموها، فإذا استَغنَوا عنها فليُخَلُّوا سَبيلَها)) [2429] أخرجها مسلم (1658). .
5- عن زاذانَ، أنَّ ابنَ عُمَرَ دَعا بغُلامٍ له فرَأى بظَهرِه أثَرًا، فقال له: أوجَعتُك؟ قال: لا، قال: فأنتَ عَتيقٌ! قال: ثُمَّ أخَذَ شيئًا مِنَ الأرضِ، فقال: ما لي فيه مِنَ الأجرِ ما يَزِنُ هذا! إنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((مَن ضَرَبَ غُلامًا له حَدًّا لم يَأتِه، أو لطَمَه، فإنَّ كفَّارَتَه أن يُعتِقَه)) [2430] أخرجه مسلم (1657). .
6- عن هِشامٍ، عن أبيه، قال: مَرَّ هِشامُ بنُ حَكيمِ بنِ حِزامٍ على أناسٍ مِنَ الأنباطِ [2431] الأنباطُ: هم نَصارى الشَّامِ الذين عَمَروها، وأهلُ سَوادِ العِراقِ، وقيل: جِيلٌ وجِنسٌ مِنَ النَّاسِ، ويحتملُ أنَّ تَسميَتهم بذلك لاستِنباطِهمُ المياهَ واستِخراجِها: واسمُ الماءُ: النَّبَطُ، وقيل: بَل سُمِّيَ بذلك مِن أجلِهم واسمِهم؛ لفِعلِهم ذلك وعِمارَتِهمُ الأرضَ. يُنظر: ((مشارق الأنوار)) لعياض (2/ 3). بالشَّامِ قَد أُقيموا في الشَّمسِ! فقال: ما شَأنُهم؟! قالوا: حُبِسوا في الجِزيةِ! فقال هشامٌ: أشهَدُ لسَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الذينَ يُعَذِّبونَ النَّاسَ في الدُّنيا)) [2432] أخرجه مسلم (2613). .
7- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((لتُؤَدُّنَّ الحُقوقَ إلى أهلِها يَومَ القيامةِ، حتَّى يُقادَ للشَّاةِ الجَلحاءِ [2433] الجَلحاءُ: التي لا قَرنَ لها، وهي الجَمَّاءُ أيضًا. يُنظر: ((العين)) للخليل (3/ 81) و (6/ 27)، ((غريب الحديث)) للخطابي (1/ 79). مِنَ الشَّاةِ القَرناءِ)) [2434] أخرجه مسلم (2582). .
8- عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما رَوى عَنِ اللهِ تَبارَك وتعالى أنَّه قال: ((يا عِبادي، إنِّي حَرَّمتُ الظُّلمَ على نَفسي، وجَعَلتُه بينَكُم مُحَرَّمًا، فلا تَظالَموا...)) الحَديثَ [2435] أخرجه مسلم (2577). .
9- عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((اتَّقوا الظُّلمَ؛ فإنَّ الظُّلمَ ظُلُماتٌ يَومَ القيامةِ، واتَّقوا الشُّحَّ؛ فإنَّ الشُّحَّ أهلَك مَن كان قَبلَكُم؛ حَمَلَهم على أن سَفَكوا دِماءَهم، واستَحَلُّوا مَحارِمَهم)) [2436] أخرجه مسلم (2578). .
10- عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كانتِ العَرَبُ يَخدُمُ بَعضُهم بَعضًا في الأسفارِ، وكان مَعَ أبي بَكرٍ وعُمَرَ رَجُلٌ يَخدُمُهما، فنامَ واستيقَظا ولم يُهيِّئْ طَعامًا، فقالا: إنَّ هذا لنَؤومٌ [2437] النَّؤُومُ: الكَثيرُ النَّومِ، نَحوُ ضَرُوبٍ وكَسُوبٍ. يُنظر: ((عمدة الحفاظ)) للسمين الحلبي (4/ 236). بينَكُم! فأيقَظاه فقالا: ائتِ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقُلْ له: إنَّ أبا بَكرٍ وعُمَرَ يُقرآنِك السَّلامَ، وهَما يستأدِمانك [2438] استَأدَمَه: طَلَب مِنه الإدامَ، والإدامُ: ما يُستَمرَأُ به الخُبزُ. يُنظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (31/ 203)، ((المعجم الوسيط)) (1/ 10). . فأتاه، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أخبِرْهما أنَّهما قَدِ ائتَدَما! ففَزِعا، فجاءا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالا: يا رَسولَ اللهِ، بَعَثْنا نستأدِمُك، فقُلتَ: ائتَدَما، فبأيِّ شيءٍ ائتَدَمنا؟ فقال: بأكلِكُما لحمَ أخيكُما! إنِّي لأرى لحمَه بينَ ثناياكم! فقالا: يا رَسولَ اللهِ، فاستَغفِرْ لنا. قال: هو فليستَغفِرْ لكُما)) [2439] أخرجه الخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) (180)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (1697). صحَّح إسنادَه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (6/211). .
ج- مِنَ الآثارِ
1- عن عَمَّارِ بنِ ياسِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (لا يَضرِبْ أحَدٌ عَبدًا له وهو ظالمٌ له، إلَّا أُقيدَ [2440] أُقِيدَ: اقتُصَّ، والقَوَدُ: القِصاصُ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (4/ 119)، ((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصنعاني (10/ 300). مِنه يَومَ القيامةِ) [2441] أخرجه عبد الرزاق (17954)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (181) واللفظ له، والبزار (1400). صحَّح إسنادَه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (134). .
2- عن أبي ليلى، قال: (خَرَجَ سَلمانُ فإذا عَلَفُ دابَّتِه يَتَساقَطُ مِنَ الآريِّ [2442] الآريُّ: المَعلَفُ. يُنظر: ((العين)) للخليل (8/ 303). ، فقال لخادِمِه: لولا أنِّي أخافُ القِصاصَ لأوجَعتُك!) [2443] أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (182). صحَّح إسنادَه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (135). .
3- عن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (الإلحادُ في الحَرَمِ: ظُلمُ الخادِمِ فما فوقَ ذلك!) [2444] أخرجه عبد الرزاق (9223)، والأزرقي في ((أخبار مكة)) (2/137). .
4- عن أبي عُثمانَ، عن سَلمانَ الفارِسيِّ، وسَعدِ بنِ مالِكٍ، وحُذيفةَ بنِ اليَمانِ، وعَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ، حتَّى عَدَّ سِتَّةً أو سَبعةً مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالوا: (إنَّ الرَّجُلَ لتُرفَعُ له يَومَ القيامةِ صَحيفتُه حتَّى يَرى أنَّه ناجٍ، فما تَزالُ مَظالمُ بَني آدَمَ تَتبَعُه حتَّى ما تَبقى له حَسَنةٌ! ويُحمَلُ عليه مِن سيِّئاتِهم) [2445] أخرجه من طُرُقٍ: الحاكم (2302)، والبيهقي في ((البعث والنشور- ت الشوامي)) (383) واللفظ له. صحَّحه الحاكمُ، وقال: على شرط الشيخين، والألباني في ((صحيح الترغيب)) (2224). .
5- عن عَبدِ اللهِ بنِ سَلمةَ، قال: (قال رَجُلٌ لمُعاذٍ: عَلِّمْني، قال: وهل أنتَ مُطيعي؟ قال: إنِّي على طاعَتِك لحَريصٌ، قال: صُمْ وأفطِرْ، وصَلِّ ونَمْ، واكتَسِبْ ولا تَأثَمْ، ولا تَموتَنَّ إلَّا وأنتَ مُسلِمٌ، وإيَّاك ودَعوةَ المَظلومِ) [2446] أخرجه عبد الله بن أحمد في ((زوائد الزهد)) (1010)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/233). .
6- عن أبي الدَّرداءِ رَضيَ اللهُ تعالى عنه، قال: ((إيَّاكُم ودَعوةَ المَظلومِ ودَعوةَ اليَتيمِ؛ فإنَّهما تَسريانِ باللَّيلِ والنَّاسُ نِيامٌ)) [2447] أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/221). .

انظر أيضا: