المعنى الإجمالي:
يقولُ تعالى موجِّهًا عبادَه إلى أمهاتِ الفضائلِ، ومكارمِ الأخلاقِ، ومحذِّرًا مِن الرذائلِ: إنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى يأمُرُ عبادَه بالعَدلِ والإنصافِ في حَقِّه تعالى وفي حَقِّ عبادِه، ويأمُرُ بالإحسانِ في عبادتِه وإلى خَلقِه، وإعطاءِ ذَوِي القَرابةِ حُقوقَهم، وينهى عن كُلِّ ما قَبُحَ قَولًا أو عَملًا، وعَمَّا يُنكِرُه الشَّرعُ ولا يَرضاه، وعن ظُلمِ النَّاسِ والتعَدِّي عليهم، يَعِظُكم اللهُ؛ لكي تتذَكَّروا أوامِرَه وتَنتَفِعوا بها.
ويأمرُ الله تعالى بالوفاءِ بالعهدِ فيقولُ: والتَزِموا الوفاءَ بكُلِّ عَهدٍ فيما بينكم وبينَ الله، وما بينَكم وبينَ الناسِ مما لا يُخالِفُ كِتابَ اللهِ وسُنَّةَ نَبيِّه، ولا تُخالِفوا العُهودَ التي أكَّدْتُموها بالحَلِفِ بالله، وقد جعَلْتُم اللهَ عليكم حفيظًا وضامِنًا حينَ عاهَدتُم؛ إنَّ اللهَ يَعلَمُ ما تَفعَلونَ.
ثمَّ ضرَب الله مثلًا فيه تقبيحٌ لنقضِ العهدِ، فقال: ولا يكنْ مَثَلُكم في نَقضِ العُهودِ مَثَلَ امرأةٍ غَزَلَت غَزْلًا وأحكَمَتْه، ثم نقَضَتْه بعد تَقويتِه وإحكامِه، تَجعلونَ أيمانَكم التي حَلَفْتُموها عند التَّعاهُدِ خَديعةً لِمَن عاهَدتُموه، وتَنقُضونَ عَهدَكم إذا وجَدْتُم قومًا آخرينَ أكثَرَ مالًا ومنفعةً مِن الذين عاهَدتُموهم، إنَّما يَختبِرُكم اللهُ بما أمرَكم به مِن الوفاءِ بالعُهودِ، ولَيُبيِّنَنَّ لكم يومَ القيامةِ ما كُنتُم فيه تَختلِفونَ في الدُّنيا.
ثم بيَّن سبحانه أنَّ قدرتَه لا يُعجِزُها شيءٌ فقال: ولو شاء اللهُ لجَعَلكم على مِلَّةٍ واحدةٍ، وهي الإسلامُ، ولكِنَّه سُبحانَه يُضِلُّ بحِكمتِه مَن يشاءُ؛ عدلًا منه، ويَهدي مَن يشاء؛ فَضلًا منه، ولَيَسألَنَّكم اللهُ جميعًا يومَ القيامةِ عَمَّا كُنتُم تَعمَلونَ في الدُّنيا، وسيُجازيكم عليه.