المَبحَثُ الثَّالثُ: تَفسيرُ العَيَّاشيِّ
تَفسيرُ العَيَّاشيِّ لأبي النَّضرِ مُحَمَّدِ بنِ مَسعودٍ العَيَّاشيِّ السُّلميِّ السَّمَرقَنديِّ (ت 320ه)، وهو مِن كِبارِ عُلماءِ الشِّيعةِ الإماميَّةِ ومِنَ الثِّقاتِ عِندَهم، وتَفسيرُه مِنَ التَّفسيرِ بالمَأثورِ، وهو مِن أقدَمِ التَّفاسيرِ للشِّيعةِ الإماميَّةِ، ويُعتَبَرُ أحَدَ المَراجِعِ التَّفسيريَّةِ الأصيلةِ لدَيهم، فكثيرٌ مِنَ التَّفاسيرِ الشِّيعيَّةِ نَهلَت مِنه.
قال مُحَمَّدُ حُسَين الطَّباطَبائيُّ في مُقدِّمةِ تَفسيرِ العَيَّاشيِّ: (قد بَعَثَ اللهُ رجالًا مِن أولي النُّهى والبَصيرةِ، وذَوي العِلمِ والفضيلةِ، على الاقتِباسِ مِن مِشكاةِ أنوارِهم أي الأئِمَّةِ والأخذِ والضَّبطِ لعُلومِهم وآثارِها، وإيداعِ ذَخائِرها في كُتُبِهم، وتَنظيمِ شَتاتِها في تَأليفِهم، ليذوقَ بذلك الغائِبُ مِن مَنهَلِ الشَّاهدِ، ويَرِدَ به اللَّاحِقُ مَورِدَ السَّابقِ، وإنَّ مِن أحسَنِ ما ورِثْناه مِن ذلك كِتابَ التَّفسيرِ المَنسوبَ إلى شَيخِنا العَيَّاشيِّ رَحِمَه اللهُ، وهو الكِتابُ القَيِّمُ الذي يُقدِّمُه النَّاشِرُ اليومَ إلى القُرَّاءِ الكِرامِ، فهو لعَمْري أحسَنُ كِتابِ أُلِّف قديمًا في بابِه، وأوثَقُ ما وَرِثناه مِن قُدَماءِ مَشايِخنا مِن كُتُبِ التَّفسيرِ بالمَأثورِ، أمَّا الكِتابُ فقد تَلقَّاه عُلماءُ هذا الشَّأنِ مُنذُ ألفٍ إلى يومِنا هذا -ويقرُبُ مِن أحَدَ عَشَرَ قَرنًا- بالقَبولِ مِن غَيرِ أن يُذكرَ بقدحٍ أو يُغمَصَ فيه بطَرفٍ، وأمَّا مُؤَلِّفُه الشَّيخُ الجَليلُ أبو النَّضرِ مُحَمَّدُ بنُ مَسعودِ بنِ العَيَّاشِ التَّميميُّ الكوفيُّ السَّمَرقَنديُّ، مِن أعيانِ عُلماءِ الشِّيعةِ، وأساطينِ الحَديثِ والتَّفسيرِ بالرِّوايةِ، مِمَّن عاشَ في أواخِرِ القَرنِ الثَّالثِ مِنَ الهجرةِ النَّبَويَّةِ، أجمَعَ كُلُّ مَن جاءَ بَعدَه مِن أهلِ العِلمِ على جَلالةِ قَدرِه، وعُلوِّ مُنزِلتِه، وسَعةِ فَضلِه، وإطراءِ عُلماءِ الرِّجالِ مُتَسالِمينَ على أنَّه ثِقةٌ، عَينٌ صَدوقٌ في حَديثِه، ومِن مَشايِخِ الرِّوايةِ، يروي عنه أعيانُ المُحَدِّثينَ كشَيخِنا الكشِّيِّ صاحِبِ (الرِّجال) وهو مِن تَلامِذَتِه، وشَيخِنا جَعفرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَسعودٍ العَيَّاشيِّ، وهو وَلَدُه)
[2201] ((تفسير العياشي)) (1/4). .
وقال مُحَمَّد هادي معرفة عن هذا التَّفسيرِ للعَيَّاشيِّ: (جَمع فيه المَأثورَ مِن أئِمَّةِ أهلِ البَيتِ في تَفسيرِ القُرآنِ، ولقد أجادَ وأفادَ، وذَكرَ الرِّواياتِ بأسانيدِها في دِقَّةٍ واعتِبارٍ، غَيرَ أنَّ هذا التَّفسيرَ لم يصِلْ إلينا إلَّا مبتورًا؛ فقد بَتَرَه أوَّلًا ناسِخُه؛ حَيثُ أسقَطَ الأسانيدَ، واقتَصَرَ على مُتونِ الأحاديثِ معتَذِرًا بأنَّه لم يجِدْ في ديارِه مَن يكونُ عِندَه سَماعٌ أو إجازةٌ مِنَ المُؤَلِّفِ؛ فلذلك حَذَف الأسانيدَ واكتَفى بالباقي؛ ومِن ثَمَّ قال المَولى المَجلِسيُّ بشَأنِه: إنَّ اعتِذارَه هذا أشنَعُ مِن فِعلتِه بحَذفِ الأسانيدِ.
والجِهةُ الأُخرى في بَترِ الكِتابِ فِقدانُ الجُزءِ الثَّاني مِن جُزأيِ التَّفسيرِ؛ فإنَّ هذا المَوجودَ ينتَهي إلى نِهايةِ سورةِ الكَهفِ، ولم توجَدْ بَقيَّتُه.
نَعَمْ، هناك بَعضُ المُتَقدِّمينَ نَقَلوا مِنه أحاديثَ بأسانيدَ كامِلةٍ كانت عِندَهم مِنه نُسخةٌ كامِلةٌ. مِنهمُ الحافِظُ الكبيرُ عُبَيدُ اللهِ بنُ عَبدِ اللهِ الحاكِمُ الحَسكانيُّ النَّيسابوريُّ. مِن أعلامِ القَرنِ الخامِسِ، ومِن شُيوخِ مَشايِخِ العَلَّامةِ الطَّبَرسيِّ صاحِبِ التَّفسيرِ، وينقُلُ عنه في تَفسيرِه كثيرًا؛ ففي شَواهدِ التَّنزيلِ للحاكِمِ الحَسكانيِّ كثيرٌ مِن رِواياتِ العَيَّاشي ينقُلُها فيه بالأسانيدِ التَّامَّةِ)
[2202] ((التفسير والمفسرون)) (2/751). .
وقال مُحَمَّد عَلي إيازي: (مِن مُشكِلاتِ التَّفسيرِ الأثَريِّ فيما يتَعَلَّقُ بالقِصَصِ والفضائِل تَدخُلُ أخبارٌ فاضِحةٌ وفاشِلةٌ؛ فإنَّ كثيرًا مِنَ المُحدِّثينَ نَقَلوا رِواياتٍ ضَعيفةً مِن دونِ أن يُبَيِّنوا الصَّحيحَ والضَّعيفَ والمَوضوعَ ولم يُنَبِّهوا إلى الإسرائيليَّاتِ ولم يُحَذِّروا مِنها. ومِمَّا رَوى العَيَّاشيُّ في تَفسيرِه الإسرائيليَّاتُ والمَوضوعاتُ مِن غَيرِ بَيانٍ وتَمييزٍ لصَحيحِها مِن ضَعيفِها؛ ولهذا لم يَسلَمْ تَفسيرُه -على جَلالةِ مُؤَلِّفِه- مِنَ الرِّواياتِ الواهيةِ والمُنكَرةِ والضَّعيفةِ والإسرائيليَّاتِ، وأشَرْنا سابقًا إلى كلامِ الكشِّيِّ في حَقِّه أنَّه يروي عنِ الضُّعَفاءِ كثيرًا. ومِن جُملةِ ما رَوى في تَفسيرِ قَولِه تعالى:
وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ [البقرة: 102] رِواياتٍ كثيرةً وقِصَصًا عَجيبةً عن مُحَمَّدِ بنِ قَيسٍ عن أبي جَعفرٍ وعن زُرارةَ عن أبي الطُّفيلِ عن عليٍّ عليه السَّلامُ، وكُلُّ هذه الأخبارِ مِن خُرافاتِ بَني إسرائيلَ وأكاذيبِهمُ التي لا يشهَدُ لها عَقلٌ ولا نَقلٌ ولا شَرعٌ)
[2203] ((المفسرون حياتهم ومنهجهم)) (1/461). .
أمثلةٌ من تفسيرِ العَيَّاشيِّ:1- رَوى العَيَّاشيُّ عن أبي عَبدِ اللهِ في قَولِ اللهِ سُبحانَه:
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ [البقرة: 124] قال: (أتَمَّهنُ بمُحَمَّدٍ وعَليٍّ والأئِمَّةِ مِن وَلَدِ عليٍّ)
[2204] ((تفسير العياشي)) (1/57). .
2- رَوى العَيَّاشيُّ عن سَلامٍ عن أبي جَعفرٍ في قَولِه:
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: 136] ، قال: (إنَّما عنى بذلك عَلِيًّا و
الحَسَنَ والحُسَينَ و
فاطِمةَ، وجَرَت بَعدَهم في الأئِمَّةِ. قال: ثُمَّ يرجِعُ القَولُ مِنَ اللهِ في النَّاسِ فقال:
فَإِنْ آمَنُوا يعني النَّاسَ
بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ يعني عَليًّا و
فاطِمةَ و
الحَسَنَ والحُسَينَ والأئِمَّةَ مِن بَعدِهم
فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ [البقرة: 137] )
[2205] ((تفسير العياشي)) (1/62). .
3- رَوى العَيَّاشيُّ عن أبي عَبدِ اللهِ في قَولِ اللهِ تعالى:
صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً [البقرة: 138] ، قال: (الصِّبغةُ مَعرِفةُ أميرِ المُؤمِنينَ بالوِلايةِ في الميثاقِ)
[2206] ((تفسير العياشي)) (1/62). .
4- رَوى العَيَّاشيُّ عن جابرٍ قال: سألتُ أبا عَبدِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن قَولِ اللهِ:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ [البقرة: 165] ، فقال: هم أولياءُ فُلانٍ وفُلانٍ اتَّخَذوهم أئِمَّةً مِن دونِ الإمامِ الذي جَعَل اللهُ للنَّاسِ؛ فلذلك قال اللهُ تَبارَك وتعالى:
وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا إلى قولِه:
مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا [البقرة: 165-167] ثُمَّ قال أبو جَعفرٍ: واللهِ يا جابرُ هم أئِمَّةُ الظُّلمِ وأشياعُهم
[2207] ((تفسير العياشي)) (1/72)، وواضحٌ أنَّ الآياتِ الكريمةَ تتحَدَّثُ عن المُشرِكين عَبَدةِ الأوثانِ، وليس في الصَّحابةِ الكرامِ رَضِيَ اللهُ عنهم! .
ثُمَّ ذَكرَ في رِوايةٍ أُخرى: (أعداءُ عليٍّ همُ المُخَلَّدونَ في النَّارِ أبَدَ الآبِدينَ، ودَهرَ الدَّاهِرينَ)
[2208] ((تفسير العياشي)) (1/73). .
5- رَوى العَيَّاشيُّ عن عَبدِ اللهِ النَّجاشيِّ قال: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللهِ يقولُ: (
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا [النساء: 63] يعني واللهِ فلانًا وفلانًا
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ إلى قولِه:
تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء: 64] يعني واللهِ النَّبيَّ وعَليًّا بما صَنَعوا، أي: لو جاؤوك بها يا عَليُّ فاستَغفَروا مِمَّا صَنَعوا،
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 64-65] ثمَّ قال أبو عبدِ اللهِ: هو واللهِ عليٌّ بعينِه
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ على لسانِك يا رسولَ اللهِ، يعني به ولايةَ عَليٍّ
وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 65] لعليِّ بنِ أبي طالبٍ)
[2209] ((تفسير العياشي)) (1/255). .
6- رَوى العَيَّاشيُّ عن أبي جَعفرٍ أنَّ عَليًّا هو المُرادُ مِن كلمةِ النُّورِ في قَولِ اللهِ تعالى:
فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ [الأعراف: 157] [2210] ((تفسير العياشي)) (2/31). .
7- رَوى العَيَّاشيُّ عن أبي عَبدِ اللهِ في قَولِه تعالى:
وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل: 16] قال: (هم الأئمَّةُ)
[2211] ((تفسير العياشي)) (2/256). .
8- رَوى العَيَّاشيُّ عن أبي جَعفرٍ أنَّه قال: نَزَّل جِبرائيلُ هذه الآيةَ هكذا: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ
في عَليٍّ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ)
[2212] ((تفسير العياشي)) (2/257)، الآيةُ في القرآنِ الكريمِ كما في مصاحِفِ المسلمينَ هكذا: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ *النحل: 24* بدونِ: (في عَليٍّ)! .
9- رَوى العَيَّاشيُّ عن جابرٍ عن أبي جَعفرٍ قال: سألتُه عن هذه الآيةِ:
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل: 20-21] قال: الذين يدعونَ مِن دونِ اللهِ الأوَّلُ والثَّاني والثَّالثُ، كذَّبوا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقَولِه: والُوا عليًّا واتَّبِعوه، فعادَوا عليًّا ولم يوالوه، ودَعَوا النَّاسَ إلى وِلايةِ أنفُسِهم، فذلك قَولُ اللهِ:
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قال: وأمَّا قولُه:
لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا فإنَّه يعني: لا يعبُدون شيئًا
وَهُمْ يُخْلَقُونَ فإنَّه يعني: وهم يُعبَدون، وأمَّا قولُه:
أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء يعني: كفارٌ غيرُ مؤمنين، وأمَّا قولُه:
وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ فإنَّه يعني أنَّهم لا يؤمِنون، أنَّهم يُشرِكون،
إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فإنَّه كما قال اللهُ، وأمَّا قولُه:
فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فإنَّه يعني لا يؤمِنون بالرَّجعةِ أنَّها حقٌّ، وأمَّا قولُه:
قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ فإنَّه يعني: قلوبُهم كافرةٌ، وأمَّا قولُه:
وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ فإنَّه يعني: عن ولايةِ عَليٍّ مُستكبِرون، قال اللهُ لِمن فعل ذلك وعيدًا منه: (لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عن ولايةِ عَليٍّ)
[2213] ((تفسير العياشي)) (2/256)، حرَّف العياشيُّ الآيةَ الأخيرةَ بزيادةِ: (عن ولايةِ عَليٍّ)، والآيةُ في القرآنِ الكريمِ هكذا: لَا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [النحل: 23 - 24] ، ويقصِدُ بالأوَّلِ والثَّاني والثَّالِثِ: الخُلَفاءَ الرَّاشِدين المهديِّين أبا بكرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنهم وأرضاهم. .
10- رَوى العَيَّاشيُّ في تَفسيرِ قَولِ اللهِ سُبحانَه:
لَا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ [النحل: 51] عن أبي عَبدِ اللهِ أنَّه قال: (يعني بذلك: ولا تَتَّخِذوا إمامَينِ، إنَّما هو إمامٌ واحِدٌ)
[2214] ((تفسير العياشي)) (2/261). .
11- رَوى العَيَّاشيُّ عن سماعةَ بنِ مِهرانَ قال: سألتُ أبا عَبدِ اللهِ عليه السَّلامُ عن قَولِ اللهِ:
فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف: 110] ، قال: العَمَلُ الصَّالحُ: المَعرِفةُ بالأئِمَّةِ، ولا يُشرِكْ بعِبادةِ رَبِّه أحَدًا: التَّسليمُ لعَليٍّ، لا يُشرِكْ مَعَه في الخِلافةِ مَن ليس ذلك له ولا هو مِن أهلِه)
[2215] ((تفسير العياشي)) (2/353). .
12- رَوى العَيَّاشيُّ عن إسماعيلَ الحَريريِّ قال: قُلتُ لأبي عَبدِ اللهِ: قَولُ اللهِ:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ [النحل: 90] ، قال: اقرأْ كما أقولُ لك يا إسماعيلُ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى حَقَّه) قُلتُ: جُعِلتُ فِداك !إنَّا لا نَقرَأُ هَكذا في قِراءةِ زَيدٍ، قال: ولكِنَّا نَقرَؤها هَكذا في قِراءةِ عليٍّ، قُلتُ: فما يعني بالعَدلِ؟ قال: شَهادةَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، قُلتُ: والإحسانُ؟ قال: شَهادةُ أنَّ محمَّدًا رَسولُ اللهِ، قُلتُ: فما يعني بإيتاءِ ذي القُربى حَقَّه؟ قال: أداءُ إمامةٍ إلى إمامٍ بَعدَ إمامٍ
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ؟ قال: وِلايةُ فُلانٍ وفُلانٍ
[2216] ((تفسير العياشي)) (2/267)، والآيةُ الكريمةُ بدونِ زيادةِ (حقَّه)، ويقصِدُ العيَّاشيُّ بولايةِ فُلانٍ وفلانٍ أبا بكرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما. .