موسوعة الآداب الشرعية

فَوائِدُ ومَسائِلُ مُتَفَرِّقةٌ


1- قال ابنُ الصَّلاحِ: (إذا واظَبَ [2062] قال الشَّوكانيُّ: (لا شَكَّ أنَّ صِدقَ هذا الوَصفِ -أعني: كَونَه مِنَ الذَّاكِرينَ اللهَ كَثيرًا والذَّاكِراتِ- على مَن واظَبَ على ذِكرِ اللهِ تعالى وإن كان قَليلًا، أكمَلُ مِن صِدقِه على مَن ذَكَر اللهَ كَثيرًا مِن غَيرِ مواظَبةٍ. وقد ثَبَتَ في الصَّحيحِ مِن حَديثِ عائِشةَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَذكُرُ اللَّهَ كَثيرًا على كُلِّ أحيانِه. [أخرَجَه البُخاريُّ مُعَلَّقًا بصيغة التَّمريض قَبل حَديث (634)، وأخرَجَه مَوصولًا مُسلم (373) دونَ قَولِه: "كَثيرًا"]. وورَدَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ أحَبَّ العَمَلِ إلى اللهِ تعالى أدوَمُه [أخرَجَه البُخاريُّ (6464)، ومُسلم (2818) مِن حَديثِ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها، ولَفظُ مُسلمٍ: (واعلَموا أنَّ أحَبَّ العَمَلِ إلى اللهِ أدوَمُه وإن قَلَّ)]). ((تحفة الذاكرين)) (ص: 55). على الأذكارِ المَأثورةِ المُثبَتةِ صَباحًا ومَساءً وفي الأوقاتِ والأحوالِ المُختَلفةِ في لَيلِ العَبدِ ونَهارِه -وهيَ مُبَيَّنةٌ في كِتابِ عَمَلِ اليَومِ واللَّيلةِ- كان مِنَ الذَّاكِرينَ اللهَ تَبارَكَ وتعالى كَثيرًا، وقِراءةُ القُرآنِ أفضَلُ مِن سائِرِ الأذكارِ) [2063] ((الفتاوى)) (1/ 150). .
2- قال النَّوويُّ: (اعلَمْ أنَّ الذِّكرَ مَحبوبٌ في جَميعِ الأحوالِ إلَّا في أحوالٍ ورَدَ الشَّرعُ باستِثنائِها... فمِن ذلك: أنَّه يَكرَهُ الذِّكرُ حالةَ الجُلوسِ على قَضاءِ الحاجةِ، وفي حالةِ الجِماعِ، وفي حالةِ الخُطبةِ لمَن يَسمَعُ صَوتَ الخَطيبِ، وفي القيامِ في الصَّلاةِ -بَل يَشتَغِلُ بالقِراءةِ-، وفي حالةِ النُّعاسِ) [2064] ((الأذكار)) (ص: 12). .
3- قال النَّوويُّ: (فَصلٌ في أحوالٍ تَعرِضُ للذَّاكِرِ يُستَحَبُّ له قَطعُ الذِّكرِ بسَبَبِها، ثُمَّ يَعودُ إليه بَعدَ زَوالِها.
مِنها: إذا سُلِّمَ عليه رَدَّ السَّلامَ ثُمَّ عادَ إلى الذِّكرِ، وكَذا إذا عَطَسَ عِندَه عاطِسٌ شَمَّته ثُمَّ عادَ إلى الذِّكرِ، وكَذا إذا سَمِعَ الخَطيبَ، وكَذا إذا سَمِعَ المُؤَذِّنَ أجابَه في كَلِماتِ الأذانِ والإقامةِ ثُمَّ عادَ إلى الذِّكرِ، وكَذا إذا رَأى مُنكَرًا أزالَه، أو مَعروفًا أرشَدَ إليه، أو مُستَرشِدًا أجابَه ثُمَّ عادَ إلى الذِّكرِ، كَذا إذا غَلَبَه النُّعاسُ أو نَحوُه. وما أشبَهَ هذا كُلَّه) [2065] ((الأذكار)) (ص: 13). .
4- قال النَّوويُّ: (اعلَمْ أنَّ الأذكارَ المَشروعةَ في الصَّلاةِ وغَيرِها -واجِبةً كانت أو مُستَحَبَّةً- لا يُحسَبُ شَيءٌ مِنها ولا يُعتَدُّ به حَتَّى يُتَلَفَّظَ به، بحَيثُ يُسمِعُ نَفسَه إذا كان صَحيحَ السَّمعِ لا عارِضَ له) [2066] ((الأذكار)) (ص: 13). ويُنظر: ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (1/ 156)، ((تحفة الذاكرين)) للشوكاني (ص: 53). قال الشَّوكانيُّ: (وأمَّا اشتِراطُ أن يُسمِعَ نَفسَه فلم يَرِدْ ما يَدُلُّ عليه؛ لأنَّه يَصدُقُ القَولُ بمُجَرَّدِ التَّلفُّظِ، وهو تَحريكُ اللِّسانِ وإن لم يُسمِعْ نَفسَه). ((تحفة الذاكرين)) (ص: 53). وقال ابنُ تَيميَّةَ: (يَجِبُ تَحريكُ لسانِه بالذِّكرِ الواجِبِ في الصَّلاةِ مِنَ القِراءةِ وغَيرِها مَعَ القُدرةِ. ومَن قال: إنَّها تَصِحُّ بدونِه يُستَتابُ، ويُستَحَبُّ ذلك في الذِّكرِ المُستَحَبِّ. والمَشهورُ مِن مَذهَبِ الشَّافِعيِّ وأحمدَ أن يَكونَ بحَيثُ يُسمِعُ نَفسَه إذا لم يَكُنْ مانِعٌ). ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (3/ 99). .
5- قال ابنُ تيميَّةَ: (مِمَّا هو كالإجماعِ بَينَ العُلَماءِ باللهِ وأمرِه: أنَّ مُلازَمةَ ذِكرِ اللهِ دائِمًا هو أفضَلُ ما شَغلَ العَبدُ به نَفسَه في الجُملةِ، وعَلى ذلك دَلَّ حَديثُ أبي هُرَيرةَ الذي رَواه مُسلِمٌ: ((سَبَقَ المُفَرِّدونَ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، ومَنِ المُفَرِّدونَ؟ قال: الذَّاكِرونَ اللهَ كَثيرًا والذَّاكِراتُ)) [2067] أخرجه مسلم (2676) بلفظ: ((سَبَق المُفَرِّدون. قالوا: وما المُفَرِّدون يا رسولَ اللهِ؟ قال: الذَّاكِرون اللهَ كثيرًا والذَّاكِراتِ)). ... والدَّلائِلُ القُرآنيَّةُ والإيمانيَّةُ بَصَرًا وخَبَرًا ونَظَرًا على ذلك كَثيرةٌ.
وأقَلُّ ذلك أن يُلازِمَ العَبدُ الأذكارَ المَأثورةَ عن مُعَلِّمِ الخَيرِ وإمامِ المُتَّقينَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كالأذكارِ المُؤَقَّتةِ في أوَّلِ النَّهارِ وآخِرِه، وعِندَ أخذِ المَضجَعِ، وعِندَ الاستيقاظِ مِنَ المَنامِ، وأدبارَ الصَّلَواتِ، والأذكارُ المُقَيَّدةُ مِثلُ ما يُقالُ عِندَ الأكلِ والشُّربِ واللِّباسِ والجِماعِ، ودُخولِ المَنزِلِ والمَسجِدِ والخَلاءِ والخُروجِ مِن ذلك، وعِندَ المَطَرِ والرَّعدِ، إلى غَيرِ ذلك، وقد صُنِّفَت له الكُتُبُ المُسَمَّاةُ بعَمَلِ اليَومِ واللَّيلةِ.
ثُمَّ مُلازَمةُ الذِّكرِ مُطلَقًا، وأفضَلُه: "لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ". وقد تَعرِضُ أحوالٌ يَكونُ بَقيَّةُ الذِّكرِ، مِثلُ: "سُبحانَ اللهِ، والحَمدُ للهِ، واللهُ أكبَرُ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ" أفضَلَ مِنه) [2068] ((مجموع الفتاوى)) (10/ 660، 661). .
6- ذَكَرَ ابنُ القَيِّمِ أنَّ الذِّكرَ في القُرآنِ على عَشَرةِ أوجُهٍ:
الأوَّلُ: الأمرُ به مُطلَقًا ومُقَيَّدًا، كقَولِه تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب: 41 - 43]، وقَولِه تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً [الأعراف: 205] . وفيه قَولانِ؛ أحَدُهما: في سِرِّك وقَلبِك، والثَّاني: بلسانِك بحَيثُ تُسمِعُ نَفسَك.
الثَّاني: النَّهيُ عن ضِدِّه مِنَ الغَفلةِ والنِّسيانِ، كقَولِه: وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ [الأعراف: 205] ، وقَولِه: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ [الحَشر: 19] .
الثَّالثُ: وأمَّا تَعليقُ الفَلاحِ باستِدامَتِه والإكثارِ مِنه، كقَولِه: وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة: 10] .
الرَّابعُ: وأمَّا الثَّناءُ على أهلِه والإخبارُ بما أعَدَّ اللهُ لَهم مِنَ الجَنَّةِ والمَغفِرةِ، كقَولِه: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ [الأحزاب: 35] ، إلى قَولِه: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 35] .
الخامِسُ: الإخبارُ عن خُسرانِ مَن لَها عنه بغَيرِه، كقَولِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [المنافقون: 9] .
السَّادِسُ: أنَّه سُبحانَه جَعَلَ ذِكرَه لَهم جَزاءً لذِكرِهم له، كقَولِه: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ [البقرة: 152] .
السَّابعُ: الإخبارُ أنَّه أكبَرُ مِن كُلِّ شَيءٍ، كقَولِه تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [العنكبوت: 45] ، وفيها أربَعةُ أقوالٍ:
أحَدُها: أنَّ ذِكرَ اللهِ أكبَرُ مِن كُلِّ شَيءٍ، فهو أفضَلُ الطَّاعاتِ؛ لأنَّ المَقصودَ بالطَّاعاتِ كُلِّها إقامةُ ذِكرِه؛ فهو سِرُّ الطَّاعاتِ ورُوحُها.
الثَّاني: أنَّ المَعنى: أنَّكُم إذا ذَكَرتُموه ذَكَركم، فكان ذِكرُه لَكُم أكبَرَ مِن ذِكرِكُم له. فعَلى هذا: المَصدَرُ مُضافٌ إلى الفاعِلِ، وعَلى الأوَّلِ: مُضافٌ إلى المَذكورِ.
الثَّالثُ: أنَّ المَعنى: ولذِكرُ اللهِ أكبَرُ مِن أن يَبقى مَعَه فاحِشةٌ ومُنكَرٌ، بَل إذا تَمَّ الذِّكرُ مَحَق كُلَّ خَطيئةٍ ومَعصيةٍ. هذا ما ذَكَرَه المُفسِّرونَ.
قال: وسَمِعتُ شَيخَ الإسلامِ ابنَ تيميَّةَ رَحِمَه اللهُ يَقولُ: مَعنى الآيةِ: أنَّ في الصَّلاةِ فائِدَتَينِ عَظيمَتَينِ؛ إحداهما: نَهيُها عنِ الفحشاءِ والمُنكَرِ، والثَّانيةُ: اشتِمالُها على ذِكرِ اللهِ وتَضَمُّنُها له، ولَمَا تَضَمَّنَته مِن ذِكرِ اللهِ أعظَمُ مِن نَهيِها عنِ الفَحشاءِ والمُنكَرِ.
الثَّامِنُ: أنَّه جَعَلَه خاتِمةَ الأعمالِ الصَّالحةِ كما كان مِفتاحَها، كما خَتَمَ به عَمَلَ الصِّيامِ بقَولِه: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة: 185] ، وخَتَمَ به الحَجَّ في قَولِه: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا [البقرة: 200] . وخَتَمَ به الصَّلاةَ، كقَولِه: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء: 103] ، وخَتَمَ به الجُمُعةَ، كقَولِه: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة: 10] .
ولهذا كان خاتِمةَ الحَياةِ الدُّنيا، وإذا كان آخِرَ كَلامِ العَبدِ أدخَلَه اللهُ الجَنَّةَ.
التَّاسِعُ: الإخبارُ عن أهلِه بأنَّهم هم أهلُ الانتِفاعِ بآياتِه، وأنَّهم أولو الألبابِ دونَ غَيرِهم، كقَولِه تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران: 190-191] .
العاشِرُ: أنَّه جَعَلَه قَرينَ جَميعِ الأعمالِ الصَّالحةِ ورُوحَها، فمَتى عَدِمَته كانت كالجَسَدِ بلا رُوحٍ، فإنَّه سُبحانَه قَرنَه بالصَّلاةِ، كقَولِه: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [طه: 14] ، وقَرَنه بالصِّيامِ وبالحَجِّ ومَناسِكِه، بَل هو رُوحُ الحَجِّ ولُبُّه ومَقصودُه.
وقَرنَه بالجِهادِ وأمَرَ بذِكرِه عِندَ مُلاقاةِ الأقرانِ ومُكافحةِ الأعداءِ، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال: 45] ... قال ابنُ تيميَّةَ: المُحِبُّونَ يَفتَخِرونَ بذِكرِ مَن يُحِبُّونَه في هذه الحالِ، كما قال عنتَرةُ:
ولَقد ذَكَرتُكِ والرِّماحُ كَأنَّها
أشطانُ [2069] أشطان: جَمعُ شَطنٍ، وهو الحَبلُ. وقيل: هو الحَبلُ الطَّويلُ الشَّديدُ الفَتلِ، يُستَقى به مِنَ البئرِ، ويُشَدُّ به الخَيلُ. يُنظر: ((العين)) للخليل (6/ 236)، ((تهذيب اللغة)) لأبي منصور الأزهري (11/ 213). بئرٍ في لَبانِ الأدهَمِ [2070] اللَّبَانُ: الصَّدرُ. والأدهَمُ: الفَرَسُ. ومَعنى البَيتِ: أنَّ الرِّماحَ في صَدرِ الفرَسِ بمَنزِلةِ حِبالِ البِئرِ مِنَ الدِّلاءِ؛ لأنَّ البئرَ إذا كانت كَثيرةَ الجرفةِ اضطَرَبَتِ الدَّلوُ فيها، فيُجعَلُ لها حَبلانِ؛ لئَلَّا تَضطَرِبَ، أو كَأنَّ الرِّماحَ حينَ أُشرِعَت إليه حِبالٌ في طولِها. يُنظر: ((العين)) للخليل (8/ 327)، ((جمهرة أشعار العرب)) للقرشي (ص: 371)، ((شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات)) لابن الأنباري (ص: 359)، ((شرح القصائد العشر)) للتبريزي (ص: 211).
وقال الآخَرُ:
ذَكَرتُكِ والخَطِّيُّ يَخطِرُ [2071] الخَطِّيُّ: يَعني به رُمحَ نَفسِه، ويَخطِرُ: أي يَتَرَدَّدُ بالطَّعنِ. كَأنَّه يُصَوِّرُ حالَه وما يُكابدُه في مُجاهَدةِ أعدائِه. يُنظر: ((شرح ديوان الحماسة)) للمروزوقي (ص: 44). بَينَنا
وقد نَهِلَت [2072] نَهِلَت مِنَّا: أي: مِن دِمائِنا، والاسمُ مِن نَهِلَت: النَّهَلُ، والمَورِدُ: المَنهَلُ، وقد عُدَّ النَّاهلُ في الأضدادِ لوُقوعِه على الرَّيَّانِ والعَطشانِ، وكَأنَّ حَقيقةَ النَّهَلِ أوَّلُ السَّقيِ، والاكتِفاءُ به قد يَقَعُ وقد لا يَقَعُ؛ فلذلك استُعمِل النَّاهِلُ في الرِّيِّ والعَطَشِ. يُنظر: ((شرح ديوان الحماسة)) للمروزوقي (ص: 45)، ((شرح ديوان الحماسة)) للتبريزي (1/ 12). مِنَّا المُثَقَّفةُ السُّمْرُ [2073] المُثَقَّفةُ السُّمْرُ: الرِّماحُ. يُنظر: ((شرح ديوان الحماسة)) للتبريزي (1/ 12).
قال آخَر:
ولَقد ذَكَرتُكِ والرِّماحُ شَواجِرٌ [2074] الرِّماحُ شَواجِر: أي: يَختَلفُ بَعضُها في بَعضٍ، وكُلُّ شَيءٍ تَداخَل بَعضُه في بَعضٍ فقد تَشاجَرَ، وتَشاجَرَ القَومُ بالرِّماحِ: إذا تَطاعنوا بها، وكذلك التَّشاجُر في الخُصومةِ: إذا دَخَل كَلامُ بَعضِهم في بَعضٍ. يُنظر: ((العين)) للخليل (6/ 32)، ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (1/ 458).
نَحوي وبِيضُ الهِندِ [2075] بِيضُ الهِندِ: السُّيوفُ الهِنديَّةُ. يُنظر: ((شرح معاني شعر المتنبي)) لابن الإفليلي (1/ 323). تَقطُرُ مِن دَمي
وهذا كَثيرٌ في أشعارِهم، وهو مِمَّا يَدُلُّ على قوَّةِ المحبَّةِ؛ فإنَّ ذِكرَ المُحِبِّ مَحبوبَه في تلك الحالِ التي لا يُهِمُّ المَرءَ فيها غَيرُ نَفسِه يَدُلُّ على أنَّه عِندَه بمَنزِلةِ نَفسِه أو أعَزُّ مِنها، وهذا دَليلٌ على صِدقِ المحَبَّة [2076] يُنظر: ((مدارج السالكين)) (2/ 396-400). وقد ذَكَر ابنُ القَيِّمِ ثلاثًا وسَبعينَ فائدةً مِن فوائِدِ الذِّكرِ في كتابِه: ((الوابل الصيب من الكلم الطيب)) (ص: 41-82). .
7- قال صِدِّيق حَسَن خان القِنَّوجيُّ: (قد ورَدَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أذكارٌ وأدعيةٌ عِندَ الأحوالِ المُختَلفةِ، وفي الأوقاتِ المُتَنَوِّعةِ، كالنَّومِ واليَقَظةِ، والأكلِ والشُّربِ واللِّباسِ ونَحوِها، وورَدَت لكُلِّ حالٍ مِن هذه الأحوالِ وفي كُلِّ وقتٍ مِن هذه الأوقاتِ أذكارٌ مُتَعَدِّدةٌ، وكَذلك أدعيةٌ فوقَ الواحِدِ والاثنَينِ، فمَن أخَذَ بذِكرٍ أو دُعاءٍ مِنَ الأذكارِ والأدعيةِ المَذكورةِ وأتى به في ذلك الحالِ والوقتِ، فقد صَدَقَ عليه وَصفُ الإكثارِ مِنَ الذِّكرِ إذا داومَ عليه في اليَومِ واللَّيلةِ، ولَم يُخِلَّ به في ساعاتِه مِنَ النَّومِ واليَقَظةِ.
وأمَّا مَن واظَبَ على جَميعِها، وأتى بها لَيلًا ونَهارًا، وجَعَلَها وظيفةً دائِمةً؛ فلا تَسألْ عنه؛ فإنَّه قد فازَ بالقِدْحِ المُعَلَّى، وسَلَكَ الطَّريقةَ المُثلى، ولَم يَأتِ أحَدٌ بأفضَلَ مِمَّا أتى هو به إلَّا مَن صَنَع مِثلَ صَنيعِه أو أكثَرَ أو زادَ عليه.
فعليك أن تَكونَ مِن أحَدِ هذه الأصنافِ؛ لتَصدُقَ عليك هذه الأوصافُ، وإلَّا فلا تَكُنْ) [2077] ((نزل الأبرار بالعلم المأثور من الأدعية والأذكار)) (ص: 9). .


انظر أيضا: