الفرعُ الثَّامِنُ: الأسماءُ المَوصولةُ
يُشتَرَطُ في عُمومِ الاسمِ المَوصولِ ألَّا تَكونَ صِلَتُه عَهديَّةً، فإن كانت صِلةُ المَوصولِ عَهديَّةً فلا يَعُمُّ، كقَولِ اللهِ تعالى:
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ [غافر: 30] ، وقَولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ:
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة: 1] [1260] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (4/113)، ((إرشاد الفحول)) للشوكاني (1/304)، ((المطلق والمقيد)) للصاعدي (ص: 53). .
ومِنَ الأسماءِ المَوصولةِ
[1261] يُنظر: ((ميزان الأصول)) للسمرقندي (ص273)، ((العقد المنظوم)) للقرافي (1/373، 387، 399)، ((البحر المحيط)) للزركشي (4/112)، ((إرشاد الفحول)) للشوكاني (1/304)، ((أصول الفقه)) لعياض السلمي (ص: 303). :
- "مَن" المَوصولةُ، وهيَ للعُقَلاءِ، كقَولِ اللهِ تعالى:
فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184] ، وقد تَأتي لغَيرِ العُقَلاءِ، كقَولِ اللهِ تعالى:
وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ [النور: 45] ، وقد تَقَعُ (مَن) للخُصوصِ، كقَولِه تعالى:
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا [محمد: 16] .
- "ما" المَوصولةُ، وهيَ لغَيرِ العاقِلِ غالبًا، كقَولِه تعالى:
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة: 29] ، وقد تَعُمُّ العاقِلَ وغَيرَه، كقَولِه تعالى:
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ [الفرقانِ: 59] .
- "الذي" و"التي" وفُروعُهما، وهذه الموصولاتُ لا تَكونُ عامَّةً إلَّا إذا كانت جِنسيَّةً لا عَهديَّةً.
ومِثالُ العامِّ منها قَولُه تعالى:
وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ [الزمر: 33] .
ومِمَّا يَدُلُّ على عُمومِها قَولُه بَعدَ ذلك:
أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ، وقِراءةُ ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه:
والذينَ جاؤوا بالصِّدقِ وصَدَّقوا به [1262] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/207)، ((تفسير البغوي)) (7/120). .
ومِثالُ التَّثنيةِ قَولُ اللهِ تعالى:
وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا [النساء: 16] .
ومِثالُ الجَمعِ قَولُ اللهِ تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت: 30] .
ومِثالُ الجَمعِ المُؤَنَّثِ قَولُ اللهِ تعالى:
وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ [النساء: 15] .
ومِثالُ ما جاءَ لغَيرِ العُمومِ قَولُ اللهِ تعالى:
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ [غافر: 38] ، وقَولُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ:
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة: 29] .
وكَذا كُلُّ ما ورَدَ في صِفاتِ الباري جَلَّ وعَلا فهو ليس للعُمومِ، ونَظَرًا لكَثرةِ وُقوعِها للعَهدِ لَم يَعُدَّها بَعضُهم مِن صيَغِ العُمومِ.
- (أيّ) المَوصولةُ: وقد أنكَرَ عُمومَها جَماعةٌ مِنَ الأُصوليِّينَ، ومِثالُ ما جاءَ عامًّا منها قَولُ اللهِ تعالى:
ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا [مريم: 69] .