موسوعة التفسير

سُورةُ القَمَرِ
الآيات (41-46)

ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ

غريب الكلمات:

الزُّبُرِ: أي: الكُتُبِ، جَمْعُ زَبورٍ، وأصلُ (زبر) هنا: يدُلُّ على قِراءةٍ وكتابةٍ [389] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 243)، ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (1/495)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص 56)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 160). .
وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ: أي: يَنهَزِمونَ فيُوَلُّونَكم أدبارَهم، يُقالُ: ولَّاه دُبُرَه: إذا انهزَم. والتَّولِّي: الإعراضُ بعدَ الإقبالِ. والإدبارُ: الذَّهابُ إلى جِهةِ الخَلفِ، وأصلُ (دبر): يدُلُّ على خِلافِ القُبُلِ [390] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/324)، ((البسيط)) للواحدي (21/120)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 79)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 28). .
أَدْهَى: أي: أشدُّ وأفظَعُ، وهو «أفعَلُ»، مِنَ الدَّاهيةِ: وهي الرَّزِيَّةُ العُظمى تَنزِلُ بالمرَءِ، وأصلُ (دهي): يدُلُّ على الإصابةِ بما يَسوءُ [391] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/305)، ((تفسير الزمخشري)) (4/440)، ((تفسير ابن عطية)) (5/221)، ((تفسير القرطبي)) (17/146). .
وَأَمَرُّ: أي: أشَدُّ مَرارةً؛ مِن قَولِهم: مَرَّ الشَّيءُ وأمَرَّ: إذا اشتَدَّت مَرارتُه، وأصلُ (مرر) هنا: يدُلُّ على خِلافِ الحلاوةِ والطِّيبِ [392] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/270)، ((البسيط)) للواحدي (21/121)، ((المفردات)) للراغب (ص: 763)، ((تفسير البغوي)) (7/434). .

المعنى الإجمالي:

يقولُ الله تعالى مبيِّنًا ما حلَّ بفِرعونَ وقَومِه: ولقد جاء أتْباعَ فِرعَونَ وقَومَه النُّذُرُ الَّتي تُنذِرُهم عذابَ اللهِ تعالى، كذَّبوا بجَميعِ آياتِ اللهِ تعالى، فأخَذَهم اللهُ تعالى أخْذَ شديدٍ قَويٍّ بالِغِ القُدرةِ سُبحانَه!
 ثمَّ يُخاطِبُ اللهُ تعالى المشركينَ محذِّرًا مِن سوءِ العاقبةِ، وداعيًا إلى التَّفكُّرِ والاعتِبارِ، فيقولُ: أكُفَّارُكم -يا مَعشَرَ قُرَيشٍ- خَيرٌ مِن أولئك الَّذين أهلَكْتُهم لكُفرِهم وتَكذيبِهم، أمْ لكم بَراءةٌ مَكتوبةٌ في الكُتُبِ الإلهيَّةِ السَّابِقةِ، مِن عاقبةِ كُفرِكم وتكذيبِكم، وعَذابِ رَبِّكم؟!
ثمَّ يقولُ الله تعالى موبِّخًا للمشركينَ على أحدِ أقوالِهم الباطِلةِ: أمْ يَقولُ كُفَّارُ قُرَيشٍ: نحنُ جماعةٌ كثيرةٌ مُنتَصِرونَ!
سيُهزَم جَمعُ كُفَّارِ قُرَيشٍ، ويَفِرُّونَ عن المُسلِمينَ مُدبِرينَ!
بل السَّاعةُ مَوعِدُ عَذابِهم الأصليِّ، وما يَحيقُ بهم في الدُّنيا فمِن طَلائِعِه، والسَّاعةُ أشدُّ فَظاعةً وأكثَرُ ألَمًا ومَرارةً مِمَّا يُصيبُهم مِن عَذابِ الدُّنيا!

تفسير الآيات:

وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا كان الآخِرُ يَنبغي له أنْ يَحذَرَ ما وَقَع للأوَّلِ، وكان قَومُ فِرعَونَ قد جاؤوا بعدَ قَومِ لُوطٍ عليه السَّلامُ، فكان رُبَّما ظُنَّ أنَّهم لم يُنذَروا؛ لأنَّ مَن عَلِمَ أنَّ العادةَ جَرَت أنَّ مَن كَذَّب الرُّسُلَ هَلَك: أنكَرَ أن يَحصُلَ مِمَّن تَبِعَ ذلك تكذيبٌ، فقال مُقسِمًا [393] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (19/128). :
وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41).
أي: ولقد جاء فِرعَونَ وآلَه النُّذرُ الَّتي تُنذِرُهم عذابَ اللهِ تعالى [394] يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/183)، ((تفسير ابن أبي زمنين)) (4/323)، ((تفسير ابن كثير)) (7/481)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (19/128)، ((تفسير السعدي)) (ص: 827). قيل: المرادُ بـ آَلَ فِرْعَوْنَ: أتْباعُه وقَومُه: وممَّن قال بذلك: ابنُ جرير، وابنُ عطية. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/154)، ((تفسير ابن عطية)) (5/220). وقال ابنُ عطية: (ويحتَمِلُ أن يُريدَ بـ آَلَ فِرْعَوْنَ: قرابتَه على عُرفِ الآلِ، وخَصَّصَهم بالذِّكرِ؛ لأنَّهم عُمدةُ القَومِ وكُبراؤُهم). ((تفسير ابن عطية)) (5/220). وقيل: المرادُ بـ آَلَ فِرْعَوْنَ: القِبطُ: وممَّن قال بذلك: مقاتلُ بنُ سُلَيمانَ، والواحديُّ، والقرطبيُّ. يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/183)، ((الوسيط)) للواحدي (4/212)، ((تفسير القرطبي)) (17/ 145). قال ابن عاشور: (آَلَ فِرْعَوْنَ، أي: فِرعونَ وآلَه). ((تفسير ابن عاشور)) (27/208). وقال ابن تيميَّة: (فِرعون: داخلٌ في آلِ فِرعونَ المكذِّبينَ المأْخوذينَ). ((مجموع الفتاوى)) (2/281). وقال أيضًا: (الآلُ يُضافُ إلى مُعَظَّمٍ مِن شأنِه أنْ يَؤولَ غَيْرَه، أو يَسوسَه فيَكونَ مآلُه إليه، فآلُ الشَّخصِ هم مَن يَؤولُه، ويَؤولُ إليه، ويَرجِعُ إليه، ونفْسُه هي أوَّلُ وأَولَى مَن يَسُوسُه، ويَؤولُ إليه؛ فلهذا كان لفظُ «آل فُلانٍ» مُتناوِلًا له، ولا يُقالُ هو مُختَصٌّ به، بل يَتَناوَلُه ويَتناوَلُ مَنْ يَؤولُه). ((الفتاوى الكبرى)) (2/196) بتصرف. ويُنظر: ((بيان تلبيس الجهمية)) لابن تيمية (8/372، 375)، ((جلاء الأفهام)) لابن القيم (ص: 204). قال الواحدي: (وفي النُّذُرُ ثلاثةُ أقوالٍ: أحَدُها: أنَّ المرادَ به موسى وهارونُ. وهذا قَولُ ابنِ عبَّاسٍ، ومُقاتِلٍ، والمفَسِّرينَ، وهو على تسميةِ الاثنَينِ باسمِ الجماعةِ؛ لأنَّه جَمعُ نَذيرٍ. والثَّاني: أنَّ المرادَ به الآياتُ الَّتي أنذَرَهم بها موسى، وكُلُّ آيةٍ منها نذيرٌ. والآخِرُ: أنَّ المرادَ به الإنذارُ. ويدُلُّ على القَولِ الثَّاني قَولُه: كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا، يعني: الآياتِ التِّسعَ، في قَولِ المفَسِّرينَ). ((البسيط)) (21/118). ويُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/183). .
كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42).
كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا.
أي: كذَّبَ فِرعَونُ وآلُه بجَميعِ آياتِ اللهِ تعالى، الدَّالَّةِ على الحَقِّ [395] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/154)، ((تفسير القرطبي)) (17/145)، ((تفسير ابن كثير)) (7/481)، ((تفسير السعدي)) (ص: 827)، ((تفسير ابن عثيمين: سورة الحجرات - الحديد)) (ص: 288، 289). قيل: المرادُ بالآياتِ هنا: الآياتُ التِّسْعُ؛ وهي: اليَدُ، والعَصا، والطَّمسُ، والسِّنونَ، والطُّوفانُ، والجَرادُ، والقُمَّلُ، والضَّفادِعُ، والدَّمُ. وممَّن ذهب إلى هذا المعنى: مقاتلُ بنُ سُلَيمانَ، والقرطبيُّ. يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/183)، ((تفسير القرطبي)) (17/145). وقيل: هي: العَصا، واليدُ، والطُّوفانُ، والجَرادُ، والقُمَّلُ، والضَّفادِعُ، والدَّمُ، والجَدْبُ، ونَقصُ الثَّمَراتِ. وهو كالقولِ السَّابقِ لكنْ مع إبدالِ نقصِ الثَّمراتِ بالطَّمسِ. وممَّن قال بهذا: ابنُ أبي زَمَنين، والشَّوكانيُّ. يُنظر: ((تفسير ابن أبي زمنين)) (3/43) و(4/323)، ((تفسير الشوكاني)) (3/311) و(5/154). ويُنظر أيضًا: ((البداية والنهاية)) لابن كثير (9/96)، ((تفسير ابن كثير)) (5/124). وممَّن قال: إنَّها الآياتُ التِّسعُ دونَ تفصيلِها: السمرقنديُّ، والثعلبي، والواحديُّ -ونسَبَه إلى قولِ المفسِّرينَ-، والبغوي، والزمخشري، والبيضاوي، والنسفي، والخازن. يُنظر: ((تفسير السمرقندي)) (3/375)، ((تفسير الثعلبي)) (9/169)، ((الوجيز)) للواحدي (ص: 1049)، ((البسيط)) للواحدي (21/118)، ((تفسير البغوي)) (4/326)، ((تفسير الزمخشري)) (4/ 439)، ((تفسير البيضاوي)) (5/168)، ((تفسير النسفي)) (3/406)، ((تفسير الخازن)) (4/221). وعزاه الرَّازيُّ إلى أكثرِ المفسِّرينَ. يُنظر: ((تفسير الرازي)) (29/319). وقيل: المرادُ: كلُّ ما جاءهم به موسى عليه السَّلامُ. وممَّن اختاره: مكِّي. يُنظر: ((الهداية إلى بلوغ النهاية)) لمكي (11/7203). وقيل: المرادُ: جَميعُ آياتِ مُوسى، وجميعُ آياتِ الأنبياءِ قَبْلَه، والآياتُ الدَّالَّةُ على وُجودِ الرَّبِّ وقُدرتِه ومَشيئتِه. وممَّن ذهب إلى هذا المعنى: ابنُ تيميَّةَ. يُنظر: ((الجواب الصحيح)) لابن تيمية (6/448). .
كما قال تعالى: وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى [طه: 56] .
وقال سُبحانَه: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ [الأعراف: 133] .
فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.
أي: فأخَذْناهم أخْذَ مَنْ هو شديدٌ قَويٌّ؛ فلا يُغلَبُ، بالِغُ القُدرةِ؛ فلا يَعجِزُ عمَّا يُريدُ [396] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/154)، ((تفسير القرطبي)) (17/145)، ((تفسير السعدي)) (ص: 827)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/209)، ((تفسير ابن عثيمين: سورة الحجرات - الحديد)) (ص: 289). قال ابنُ عاشور: (هذا الأخْذُ: هو إغراقُ فِرعَونَ ورِجالِ دَولتِه وجُندِه الَّذين خَرَجوا لنُصرتِه). ((تفسير ابن عاشور)) (27/209). وقال البِقاعي: (مُقْتَدِرٍ أي: لا يَعجَلُ بالأخْذِ؛ لأنَّه لا يَخافُ الفَوتَ، ولا يَخشى مُعَقِّبًا لحُكمِه، بالِغُ القُدرةِ إلى حَدٍّ لا يُدرِكُ الوَصفُ كُنْهَه؛ لأنَّ صِيغةَ الافتِعالِ مَبناها على المعاجَلةِ). ((نظم الدرر)) (19/129). !
قال تعالى: فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ [الذاريات: 40].
أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43).
أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ.
أي: أكُفَّارُكم -يا مَعشَرَ قُرَيشٍ- خَيرٌ مِن أولئك الَّذين أهلَكْتُهم لكُفرِهم وتَكذيبِهم، مِثلُ: قَومِ نُوحٍ، وعادٍ، وثَمودَ، وقَومِ لُوطٍ، وآلِ فِرعَونَ؟ كلَّا! ليسوا خَيرًا منهم؛ فلْتَحذَروا مِن عِقابِ اللهِ إنْ أصرَرْتُم على كُفرِكم وتَكذيبِكم [397] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/154)، ((تفسير القرطبي)) (17/145)، ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (5/108)، ((تفسير ابن كثير)) (7/481)، ((تفسير السعدي)) (ص: 827)، ((تفسير ابن عثيمين: سورة الحجرات - الحديد)) (ص: 289). .
كما قال الله تبارك وتعالى: فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ [الزخرف: 8] .
وقال سُبحانَه: أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ [الدخان: 37] .
أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ.
أي: أم لكم -يا كُفَّارَ قُرَيشٍ- بَراءةٌ مَكتوبةٌ في صَحائِفِ الكُتُبِ الإلهيَّةِ السَّابِقةِ؛ فأنتم بَريئُونَ مِن عاقبةِ كُفرِكم وتكذيبِكم، وآمِنونَ مِن عذابِ رَبِّكم [398] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/156)، ((تفسير القرطبي)) (17/145)، ((الجواب الصحيح)) لابن تيمية (6/449)، ((تفسير ابن كثير)) (7/481)، ((تفسير السعدي)) (ص: 827)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/210، 211)، ((تفسير ابن عثيمين: سورة الحجرات- الحديد)) (ص: 289). ؟!
أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا بَلَغوا إلى هذا الحَدِّ مِنَ التَّمادي في الكُفرِ مع المواعِظِ البالِغةِ والاستِعطافِ المَكِينِ، استحَقُّوا أعظَمَ الغَضَبِ؛ فأعرَضَ عنهم الخِطابُ؛ إيذانًا بذلك، وإهانةً لهم واحتِقارًا، وإقبالًا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَسليةً، فقال عاطِفًا على ما تَقديرُه: أيَدَّعُونَ -جَهلًا ومُكابَرةً- شيئًا مِن هذَينِ الأمرَينِ [399] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (19/130). ؟
أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44).
أي: أم يَقولُ كُفَّارُ قُرَيشٍ: نحنُ جماعةٌ كثيرةٌ مُنتَصِرونَ، فسنَغلِبُ مُحمَّدًا ومَن معه [400] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/156)، ((تفسير القرطبي)) (17/145)، ((تفسير ابن عثيمين: سورة الحجرات - الحديد)) (ص: 290). ؟!
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45).
أي: سيُهزَمُ جَمعُ كُفَّارِ قُرَيشٍ، ويتفرَّقونَ، ويَفِرُّونَ عن المُسلِمينَ مُدبِرينَ [401] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/156)، ((تفسير القرطبي)) (17/145)، ((تفسير ابن كثير)) (7/481)، ((تفسير السعدي)) (ص: 827). قال ابنُ تيميَّةَ: (ظَهَر تَصديقُ ذلك يومَ بَدرٍ وغَيرَه، وبعدَ ذلك بسِنينَ كَثيرةٍ). ((الجواب الصحيح)) (1/409). ويُنظر: ((تفسير القرطبي)) (17/145، 146)، ((الجواب الصحيح)) لابن تيمية (6/450)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/213). !
قال تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ [آل عمران: 12، 13].
وعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو في قُبَّةٍ: ((اللَّهُمَّ إنِّي أَنشُدُك [402] أَنشُدُك: أي: أطلُبُك وأسألُك. يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (9/3781). عَهْدَك ووَعْدَك، اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ لم تُعبَدْ بعدَ اليَومِ! فأخَذ أبو بكرٍ بيَدِه، فقال: حَسْبُك يا رَسولَ اللهِ؛ فقد ألحَحْتَ على رَبِّك -وهو في الدِّرْعِ-، فخَرَج وهو يقولُ: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ [القمر: 45، 46])) [403] رواه البخاري (2915). .
بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا وَقَع هذا في الدُّنيا -وكان في يومِ بَدْرٍ-، وكان ذلك مِن أعلامِ النُّبُوَّةِ، وكان رُبَّما ظَنَّ ظانٌّ أنَّ ذلك هو النِّهايةُ- كان كأنَّه قيل: ليس ذلك الموعِدَ الأعظَمَ، بَلِ السَّاعَةُ [404] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (19/131). .
بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ.
أي: ليس الأمرُ كما يَزعُمُ المُشرِكونَ، فهم حَتمًا سيُبعَثونَ بعدَ مَوتِهم، ويُجازَونَ بعُقوبةٍ تامَّةٍ على كُفرِهم؛ فالسَّاعةُ مَوعِدُ عَذابِهم الأصليِّ، وما يَحيقُ بهم في الدُّنيا فمِن طَلائِعِه [405] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/158)، ((الوسيط)) للواحدي (4/213)، ((تفسير القرطبي)) (17/146)، ((تفسير البيضاوي)) (5/168)، ((تفسير أبي السعود)) (8/174). .
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: (لقد أُنزِلَ على محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمكَّةَ، وإنِّي لَجاريةٌ ألعَبُ: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) [406] رواه البخاري (4876). .
وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ.
أي: والسَّاعةُ أشدُّ فَظاعةً وفَتْكًا، وأكثَرُ ألَمًا ومَرارةً مِنَ القَتلِ أو غَيرِه مِمَّا يُصيبُهم مِن عَذابِ الدُّنيا [407] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/158)، ((تفسير الزمخشري)) (4/440)، ((تفسير القرطبي)) (17/146)، ((تفسير السعدي)) (ص: 827)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/214)، ((تفسير ابن عثيمين: سورة الحجرات - الحديد)) (ص: 290). !

الفوائد العلمية واللطائف:

1- في قَولِه تعالى: وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ سؤالٌ: ما الفائِدةُ في قَولِه: آَلَ فِرْعَوْنَ بَدَلَ «قَومَ فِرعَونَ»؟
 الجَوابُ: أنَّ «القَومَ» أعَمُّ مِن «الآلِ»؛ فالقَومُ: كُلُّ مَن يقومُ الرَّئيسُ بأمْرِهم، أو يقومونَ هم بأمْرِه، وقومُ فِرعَونَ كانوا تحتَ قَهرِه بحيث لا يُخالِفونَه في قليلٍ ولا كثيرٍ؛ فأُرسِلَ إليه الرَّسولُ وَحْدَه، غيرَ أنَّه كان عندَه جماعةٌ مِنَ المقَرَّبينَ، مِثلُ: قارونَ، مُقَدَّمٌ عندَه لمالِه العظيمِ، وهامانَ لدَهائِه؛ فاعتبَرَهم اللهُ تعالى في الإرسالِ؛ حيث قال في مواضِعَ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ [الزخرف: 46] ، وقال: إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ [غافر: 24] ، وقال في (العنكبوتِ): وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى [العنكبوت: 39] ؛ لأنَّهم إن آمَنوا آمَنَ الكُلُّ، بخِلافِ الأقوامِ الَّذين كانوا قَبْلَهم وبَعْدَهم؛ فقال: وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ، وقال: أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [408] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (29/318، 319)، ((تفسير ابن عادل)) (18/274). [غافر: 46] .
2- في قَولِه تعالى: وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ أنَّه قال هنا: وَلَقَدْ جَاءَ، ولم يَقُلْ في غيرِهم: «جاء»؛ ووَجْهُ ذلك: أنَّ موسى عليه السَّلامُ ما جاءهم كما جاء المُرسَلونَ أقوامَهم، بل جاءهم حقيقةً؛ حيث كان غائبًا عن القَومِ فقَدِمَ عليهم؛ ولهذا قال تعالى: فَلَمَّا جَاءَ آَلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ [409] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (29/319). [الحجر: 61] . وذلك على قولٍ في تفسيرِ النُّذُرُ.
3- في قَولِه تعالى: كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أنَّه قد خُتِمَت القِصَصُ بمِثلِ ما افتُتِحَت به مِن عَذابِ المُفسِدينَ بالإغراقِ؛ لِيُطابِقَ الخَتمُ البَدْءَ، وكانت نجاةُ المُصلِحينَ مِن الأوَّلِينَ بالسَّفينةِ، وكانت نجاةُ المُصلِحينَ مِن الآخِرينَ بأرضِ البَحرِ، كانت هي سفينتَهم؛ لِيَكونَ الخَتمُ أعظَمَ مِنَ البَدْءِ، كما هو شأنُ أهلِ الاقتِدارِ [410] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (19/129). .
4- في قَولِه تعالى: فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ إنَّما ذَكَرَ اللهُ تعالى أنَّه أَخَذَهم أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ؛ لأنَّ فِرعونَ كان مُتكبِّرًا، وكان يقولُ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [النازعات: 24] ! وكان يَسخَرُ مِن موسى ومَن أرسَلَه؛ فناسَبَ أنْ يَذكُرَ اللهُ تعالى أخْذَه أخْذَ عزيزٍ مُقتَدِرٍ [411] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين: سورة الحجرات - الحديد)) (ص: 289). .
5- في قَولِه تعالى: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ بيانُ أنَّ أولئك إذا كانوا كُفَّارًا وقد عذَّبْناهم، فالكُفَّارُ الَّذين كذَّبوا مُحمَّدًا ليسوا خيرًا مِن أولئك، بل هم مِثْلُهم، استحَقُّوا مِن العُقوبةِ ما استحقَّه أولئك، ولو كانوا خَيرًا منهم لم يَستَحِقُّوا ذلك؛ فعُلِمَ أنَّه سُبحانَه يُسوِّي بيْنَ المتماثِلَينِ، ويُفَضِّلُ صاحبَ الخَيرِ، فلا يُسوِّي بيْنَه وبيْنَ مَن هو دونَه [412] يُنظر: ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (5/108). . وفيه التَّنبيهُ على أنَّ الميزانَ العقليَّ حقٌّ -كما ذَكَرَ اللهُ في كتابهِ-، وليس هو مُختَصًّا بمنطقِ اليُونانِ، بل هي الأقيسةُ الصَّحيحةُ المتضمِّنةُ للتَّسويةِ بيْنَ المتماثِلَينِ، والفَرقِ بيْنَ المختلِفَينِ، سواءٌ صِيغَ ذلك بصيغةِ قياسِ الشُّمولِ [413] قياس الشُّمولِ: هو انتِقالُ الذِّهنِ مِن المُعَيَّنِ إلى المعنى العامِّ المُشترَكِ الكُلِّيِّ المُتناوِلِ له ولغَيرِه، والحُكمُ عليه بما يلزمُ المُشترَكَ الكُلِّيَّ، بأن ينتقلَ مِن ذلك الكُلِّيِّ اللَّازِمِ إلى الملزومِ الأوَّلِ وهو المُعَيَّنُ، فهو انتِقالٌ مِن خاصٍّ إلى عامٍّ، ثمَّ انتِقالٌ مِن ذلك العامِّ إلى الخاصِّ؛ مِن جُزئيٍّ إلى كُلِّيٍّ، ثمَّ مِن ذلك الكُلِّيِّ إلى الجُزئيِّ الأوَّلِ، فيُحكَمُ عليه بذلك الكُلِّيِّ. يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّةَ (9/119). ، أو بصيغةِ قياسِ التَّمثيلِ [414] قياس التَّمثيلِ: هو حمْلُ جُزئيٍّ على جُزئيٍّ آخَرَ في حُكمِه؛ لاشتِراكِهما في عِلَّةِ الحُكمِ، أو: إلحاقُ فَرعٍ بأصلٍ في حُكمٍ؛ لِعِلَّةٍ جامعةٍ بيْنَهما مثل: النَّبيذُ حرامٌ؛ قياسًا على الخَمرِ، بجامعِ الإسكارِ في كلٍّ منهما. وهو القياسُ الأُصوليُّ. يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (9/120)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 716)، ((آداب البحث والمناظرة)) للشنقيطي (ص: 291، 292). ، وصِيَغُ التَّمثيلِ هي الأصلُ، وهي أكمَلُ، والميزانُ هو القَدْرُ المُشتَرَكُ، وهو الجامِعُ [415] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (9/243). .
6- في قَولِه تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بِشارةٌ لِرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك، وهو يَعلَمُ أنَّ اللهَ مُنجِزٌ وَعْدَه، ولا يَزيدُ ذلك الكافِرينَ إلَّا غُرورًا، فلا يُعِيرُوه جانِبَ اهتمامِهم، وأخْذَ العُدَّةِ لِمُقاوَمتِه، كما قال تعالى في نحوِ ذلك: وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا [416] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/213). [الأنفال: 44] .
7- في قَولِه تعالى: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ سُؤالٌ: ما الحِكمةُ في اختِصاصِ السَّاعةِ بمَوعِدِهم، مع أنَّها مَوعِدُ كُلِّ أحَدٍ؟
 الجوابُ: المَوعِدُ: الزَّمانُ الَّذي فيه الوَعدُ والوَعيدُ، والمؤمِنُ مَوعودٌ بالخَيرِ، ومأمورٌ بالصَّبرِ، فلا يقولُ هو: متى يكونُ؟ بل يُفَوِّضُ الأمرَ إلى اللهِ تعالى، وأمَّا الكافِرُ فغَيرُ مُصَدِّقٍ، فيقولُ: متى يكونُ العَذابُ؟ فيُقالُ له: اصبِرْ؛ فإنَّه آتٍ يومَ القيامةِ؛ ولهذا كانوا يقولونَ: عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا [ص: 16] ، وقال: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ [417] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (29/322). [الحج: 47] .

بلاغة الآيات:

1- قولُه تعالَى: وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ لَمَّا كانتْ دَعوةُ مُوسَى عليه السَّلامُ غيرَ مُوجَّهةٍ إلى أُمَّةِ القِبطِ، وغيرَ مُرادٍ منها التَّشريعُ لهم، ولكنَّها مُوجَّهةٌ إلى فِرعونَ وأهْلِ دَولتِه الَّذين بأيْدِيهم تَسييرُ أُمورِ المَمْلكةِ الفِرْعَونيَّةِ؛ ليَسمَحوا بإطلاقِ بني إسرائيلَ مِن الاستِعبادِ، ويُمكِّنوهم مِن الخُروجِ مع مُوسَى -خُصَّ بالنُّذرِ هنا آلُ فِرعونَ، أي: فِرْعونُ وآلُه؛ لأنَّه يَصدُرُ عن رأْيِهم، ألَا تَرى أنَّ فِرعونَ لم يَستأثِرْ برَدِّ دَعوةِ مُوسى، بلْ قال لِمَن حولَه: أَلَا تَسْتَمِعُونَ [الشعراء: 25] ، وقال: فَمَاذَا تَأْمُرُونَ [الشعراء: 35] ؟ ولذلك لم يكُنْ أُسلوبُ الإخبارِ عن فِرعونَ ومَن معه مُماثِلًا لأُسلوبِ الإخبارِ عن قَومِ نُوحٍ وعادٍ وثَمودَ وقَومِ لُوطٍ؛ إذ صُدِّرَ الإخبارُ عن أولئك بجُملةِ كَذَّبَتْ [القمر: 9، 18، 23، 33]، وخُولِفَ في الإخبارِ عن فِرعونَ، فصُدِّرَ بجُملةِ وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ، وإنْ كان مآلُ هذه الأخبارِ الخمْسةِ مُتماثلًا [418] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/208). .
- وأيضًا الاكتفاءُ بذِكرِ آلِ فِرعونَ؛ للعِلمِ بأنَّ نفْسَه أَوْلى بذلكَ [419] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/173). .
- وصُدِّرتْ قِصَّتُهم بالتَّوكيدِ القَسَمِي؛ لإبرازِ كَمالِ الاعتناءِ بشأْنِها لِغايةِ عِظَمِ ما فيها مِن الآياتِ وكَثرتِها، وهَولِ ما لاقَوه مِنَ العَذابِ، وقوَّةِ إيجابِها للاتِّعاظِ [420] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/173)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/208). .
- والنُّذرُ: جمْعُ نَذيرٍ، اسمُ مَصْدرٍ بمعْنى الإنذارِ -على قولٍ-. ووجْهُ جمْعِه أنَّ مُوسى عليه السَّلامُ كرَّرَ إنذارَهم [421] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/208). .
2- قولُه تعالَى: كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ استِئنافٌ مَبنيٌّ على سُؤالٍ نشَأَ مِن حِكايةِ مَجيءِ النُّذرِ؛ كأنَّه قِيلَ: فماذا فعَلوا حِينَئذٍ؟ فقيلَ: كذَّبُوا بجَميعِ آياتِنا [422] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/173). .
- أو جُملةُ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا بدَلُ اشتِمالٍ [423] البَدَلُ: هو التَّابعُ المقصودُ بحُكمٍ بلا واسِطةٍ، وهو أقسامٌ: بدَلُ كُلٍّ مِن كُلٍّ بأنِ اتَّحَدَا معنًى، نحو: صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللَّهِ [إبراهيم: 1، 2]. وبدَلُ بعضٍ إن دلَّ على بعضِ ما دلَّ عليه الأوَّلُ، نحو: مرَرْتُ بقَومِك ناسٍ منهم. وبدَلُ اشتِمالٍ إن دلَّ على معنًى في الأوَّلِ أو استَلْزَمَه فيه، كعَجِبتُ مِن زَيدٍ عِلمِه أو قراءتِه، ومنه قولُه تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ [البقرة: 217]. يُنظر: ((همع الهوامع)) للسيوطي (3/176). مِن جُملةِ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ؛ لأنَّ مَجيءَ النُّذرِ إليهم مُلابِسٌ للآياتِ، وظُهورَ الآياتِ مُقارِنٌ لتَكذيبِهم بها، فمَجيءُ النُّذرِ مُشتمِلٌ على التَّكذيبِ؛ لأنَّه مُقارِنُ مُقارِنِه [424] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/208). .
- وإسنادُ التَّكذيبِ إليهم بِناءً على ظاهِرِ حالِهم، وإلَّا فقدْ آمَنَ منهم رجُلٌ واحدٌ كما في سُورةِ (غافرٍ)، وأيضًا آسِيةُ امرأةُ فِرعونَ [425] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/208). .
- وتأْكيدُ (آيَاتِنَا) بـ كُلِّهَا إشارةٌ إلى كثْرةِ الآياتِ، وأنَّهم لم يُؤمِنوا بشَيءٍ منها، وتَكذيبُهم بآيةِ انفِلاقِ البحْرِ تَكذيبٌ فِعْليٌّ؛ لأنَّ مُوسى لم يَتحَدَّهم بتلك الآيةِ، وقومُ فِرعونَ لَمَّا رَأَوا تلك الآيةَ عدُّوها سِحرًا، وتَوهَّموا البحرَ أرْضًا؛ فلم يَهتَدُوا بتلك الآيةِ [426] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/209). .
- وانتصَبَ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ على المَفعوليَّةِ المُطلَقةِ مُبيِّنًا لنَوعِ الأخْذِ بأفظَعِ ما هو مَعروفٌ للمُخاطَبينَ مِن أخْذِ المُلوكِ والجَبابرةِ [427] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/209). .
3- قولُه تعالَى: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ كالنَّتيجةِ لحاصِلِ القصصِ عن الأُمَمِ الَّتي كذَّبَتِ الرُّسلَ مِن قومِ نُوحٍ فمَن ذُكِرَ بعْدَهم؛ ولذلك فُصِلتْ ولمْ تُعطَفْ، وقد غُيِّرَ أُسلوبُ الكلامِ مِن كَونِه مُوجَّهًا للرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى تَوجيهِه للمُشرِكين؛ ليُنتقَلَ عن التَّعريضِ إلى التَّصريحِ؛ اعتِناءً بمَقامِ الإنذارِ والإبلاغِ [428] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/209). .
- والاستِفهامُ يَجوزُ أنْ يكونَ على حَقيقتِه، ويكونَ مِن المُحسِّنِ البَديعيِّ المُسمَّى (سَوْقَ المَعلومِ مَساقَ غَيرِه)، أو (تَجاهُلَ العارِفِ) [429] تَجاهُل العارِفِ: له عِدَّةُ تعريفاتٍ، وتَرجِعُ كلُّها إلى: سَوْقِ المعلومِ مَساقَ غيرِه لنُكتةٍ؛ فمِن تعريفاتِه: أنَّه سؤالُ المتكلِّمِ عمَّا يَعلمُه حقيقةً تجاهُلًا؛ لنُكتةٍ بلاغيَّةٍ. ومنها: أنَّه إخراجُ ما يَعرِفُ صِحَّتَه مخرَجَ ما يَشُكُّ فيه؛ ليَزيدَ بذلك تأكيدًا. وقيل: هو إخراجُ الكلامِ مخرجَ الشَّكِّ في اللَّفظِ دون الحقيقةِ؛ لضربٍ مِن المُسامَحةِ وحَسْمِ العِنادِ. يُنظر: ((البرهان في علوم القرآن)) للزركشي (3/409)، ((تفسير ابن عاشور)) (17/94)، ((مفاتيح التفسير)) للخطيب (1/ 242، 243). ، وهو هنا للتَّوبيخِ، والتَّوبيخُ عن تَخطئتِهم في عدَمِ العَذابِ الَّذي حَلَّ بأمثالِهم حتَّى كأنَّهم يَحسَبون كُفَّارَهم خيرًا مِن الكُفَّارِ الماضينَ المُتحدَّثِ عن قَصَصِهم، أي: ليس لهم خاصيَّةٌ تَربَأُ بهم عن أنْ يَلحَقَهم ما لَحِقَ الكُفَّارَ الماضينَ، فما الَّذي طمْأَنَكم مِن أنْ يُصِيبَكم مِثلُ ما أصابَهم [430] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/174)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/209، 210). ؟!
- وضَميرُ (كُفَّارُكُمْ) لأهلِ مكَّةَ، وهم أنفُسُهم الكُفَّارُ؛ فإضافةُ لَفظِ (كُفَّار) إلى ضَميرِهم إضافةٌ بَيانيَّةٌ؛ لأنَّ المُضافَ صِنفٌ مِن جِنسِ مَن أُضِيفَ هو إليه، فهو على تَقديرِ (مِن) البَيانيَّةِ، والمعْنى: الكُفَّارُ منكم خيرٌ مِن الكُفَّارِ السَّالِفينَ، أي: أأنتُم الكُفَّارُ خيرٌ مِن أولئك الكُفَّارِ [431] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/210). ؟!
- وقولُه: أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ إضرابٌ وانتِقالٌ إلى تنكيتٍ آخَرَ، فكأنَّه قيل: بل ألِكُفَّارِكم براءةٌ وأمْنٌ مِن تَبِعاتِ ما يَعمَلونَ مِن الكُفرِ والمعاصي، وغَوائِلِها، في الكُتُبِ السَّماويَّةِ؛ فلذلك يُصِرُّونَ على ما هم عليه ولا يخافونَ [432] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/174)، ((تفسير الألوسي)) (14/91)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/209، 210). ؟!
- وقدْ أفادَ هذا الكلامُ تَرديدَ النَّجاةِ مِن العَذابِ بيْنَ الأمْرَينِ: إمَّا الاتِّصافُ بالخَيرِ الإلهيِّ المُشارِ إليهِ بقَولِه : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13] ، وإمَّا المُسامَحةُ والعفْوُ عمَّا يَقترِفُه المَرْءُ مِن السَّيِّئاتِ، والمعْنى انتفاءُ كِلا الأمْرَينِ عن المُخاطَبينَ؛ فلا مأْمَنَ لهم مِن حُلولِ العَذابِ بهم كما حلَّ بأمثالِهم. والآيةُ تُؤْذِنُ بارتقابِ عَذابٍ يَنالُ المُشرِكين في الدُّنيا دونَ العَذابِ الأكبرِ، وذلك عَذابُ الجُوعِ الَّذي في قولِه: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ [الدخان: 10] ، وعَذابُ السَّيفِ يومَ بدْرٍ الَّذي في قولِه: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ [433] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/211). [الدخان: 16] . على قولٍ فيهما.
- وفي الآيةِ احتِباكٌ [434] الاحتِباكُ: هو الحذفُ مِن الأوائلِ لدَلالةِ الأواخِرِ، والحذفُ مِن الأواخرِ لدَلالةِ الأوائلِ، إذا اجتمَع الحَذفانِ معًا، وله في القرآنِ نظائرُ، وهو مِن إبداعاتِ القرآنِ وعناصرِ إعجازِه، وهو مِن ألطَفِ الأنواعِ. يُنظر: ((الإتقان)) للسيوطي (3/204)، ((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن حَبَنَّكَة الميداني (1/347). ؛ فقد أثبَتَ الخَيريَّةَ أوَّلًا؛ دليلًا على حَذفِها ثانيًا، والبراءةَ ثانيًا؛ دليلًا على حَذْفِها أوَّلًا [435] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (19/130). .
4- قولُه تعالَى: أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ
- (أَمْ) مُنقطِعةٌ لإضرابٍ انتِقاليٍّ، والاستِفهامُ المُقدَّرُ بعْدَ (أَمْ) مُستعمَلٌ في تَوبيخِهم والإنكارِ عليهم أنْ يَقولوا ذلك، فإنْ كانوا قد صرَّحوا بذلك فظاهرٌ، وإنْ كانوا لم يُصرِّحوا به فهو إنباءٌ بأنَّهم سيَقولونَه [436] يُنظر: ((حاشية الطيبي على الكشاف)) (15/140)، ((تفسير أبي السعود)) (8/174)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/211). .
- وغُيِّرَ أُسلوبُ الكَلامِ مِن الخِطابِ المُوجَّهِ إلى المشركينَ بقولِه: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ إلخ [القمر: 43]، إلى أُسلوبِ الغَيبةِ الْتفاتًا ورُجوعًا إلى الأُسلوبِ الجاري مِن أوَّلِ السُّورةِ في قولِه: وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا [القمر: 2]، بعْدَ أنْ قُضِيَ حقُّ الإنذارِ بتَوجيهِ الخِطابِ إلى المشركين في قولِه: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ [437] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (10/47)، ((تفسير أبي السعود)) (8/174)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/212). [القمر: 43].
- والكلامُ بِشارةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وتَعريضٌ بالنِّذارةِ للمُشرِكين، مَبْنيٌّ على أنَّهم تُحدِّثُهم نُفوسُهم بذلك، وأنَّهم لا يَحسَبونَ حالَهم وحالَ الأُمَمِ الَّتي سِيقَت إليهم قصَصُها مُتساويةً، أي: نحن مُنتصِرونَ على محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه ليس رسولَ الله، فلا يُؤيِّدُه اللهُ، والمعْنى: بلْ أيَدَّعونَ أنَّهم يُغالِبونَ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابَه، وأنَّهم غالِبُوهم؛ لأنَّهم جَميعٌ لا يُغلَبونَ؟! وتَغييرُ أُسلوبِ الكَلامِ مِن الخِطابِ إلى الغَيبةِ مُشعِرٌ بأنَّ هذا هو ظَنُّهم واغترارُهم [438] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/212). .
5- قولُه تعالَى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ جَوابٌ عن قولِهم: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ، وردٌّ وإبطالٌ لقولِهم؛ فلذلك لم تُعطَفِ الجُملةُ على الَّتي قبْلَها [439] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/174)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/213). .
- والسِّينُ في سَيُهْزَمُ لتَقريبِ المُستقبَلِ، وللتَّأكيدِ، أي: يُهزَمُ جمْعُهم ألْبتَّةَ [440] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/174)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/213). .
- وبُنِيَ الفِعلُ سَيُهْزَمُ للمَجهولِ؛ لظُهورِ أنَّ الهازِمَ المُسلِمونَ [441] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/213). .
- قولُه: وَيُوَلُّونَ، أي: يَجعَلونَ غيرَهم يَلِي، فهو يَتعدَّى بالتَّضعيفِ إلى مَفعولَينِ، وقد حُذِفَ مَفعولُه الأوَّلُ هنا للاستِغناءِ عنه؛ إذ الغرَضُ الإخبارُ عنهم بأنَّهم إذا جاء الوغَى [442] الوَغَى: الجَلبةُ والأصواتُ، وتُطلَقُ على الحربِ نفْسِها، وقيل للحربِ: وَغًى؛ لِما فيها مِن الصَّوتِ والجَلَبةِ. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (8/189)، ((الصحاح)) للجوهري (6/ 2526). يَفِرُّون ويُوَلُّونكم الأدبارَ [443] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/213). .
- وأُفرِدَ الدُّبُرَ والمُرادُ الجمْعُ؛ لأنَّه جِنسٌ يَصدُقُ بالمُتعدِّدِ، أي: يُولِّي كلُّ أحدٍ منهم دُبُرَه؛ وذلك لرِعايةِ الفاصلةِ، ومُزاوَجةِ القرائنِ، على أنَّ انهزامَ الجمْعِ انهزامةٌ واحدةٌ، ولذلك الجيشِ جِهةُ تَولٍّ واحِدةٌ [444] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/174)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/213). .
- وأيضًا فيه مُناسَبةٌ حسَنةٌ، حيث أُفرِدَ الدُّبُرَ هنا وجُمِعَ في غيرِه؛ لأنَّ الجمْعَ هو الأصلُ؛ لأنَّ الضَّميرَ يَنوبُ مَنابَ تَكرارِ العاطفِ؛ فكأنَّه قِيل: تولَّى هذا وهذا، وأُفرِدَ لمُناسَبةِ المقاطعِ. وفيه إشارةٌ إلى أنَّ جَميعَهم يَكونون في الانهزامِ كشخصٍ واحدٍ، وأمَّا قولُه: فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ [الأنفال: 15] فجمْعٌ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ برَأْسِه مَنهيٌّ عن توليةِ دُبرِه، ثمَّ جمَع الفعلَ بقولِه: فَلَا تُوَلُّوهُمُ ولا يتمُّ إلَّا بقولِه: الْأَدْبَارَ، وأمَّا قولُه: وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ [الأحزاب: 15] ، أي: كلُّ واحدٍ قال: أنا أثْبُتُ ولا أُوَلِّي دُبُري [445] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (29/322)، ((تفسير ابن عادل)) (18/277). .
6- قولُه تعالَى: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ
- (بَل) للإضرابِ الانتِقاليِّ، وهو انتقالٌ مِن الوَعيدِ بعَذابِ الدُّنيا كما حلَّ بالأُمَمِ قبْلَهم إلى الوعيدِ بعَذابِ الآخرةِ، وعَذابُ الآخرةِ أعظَمُ؛ فلذلك قال: وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ، وقال في الآيةِ الأُخرى: وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه: 127] ، وفي الآيةِ الأُخرى: وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى [446] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/214). [فصلت: 16] .
- والمَوعِدُ: وقْتُ الوَعْدِ، وهو هنا وعْدُ سُوءٍ، أي: وَعيدٌ، وهذا إجمالٌ بالوَعيدِ، ثمَّ عُطِفَ عليه ما يُفصِّلُه، وهو: وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ، ووجْهُ العَطْفِ أنَّه أُرِيدَ جَعْلُه خَبرًا مُستقِلًّا [447] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (27/214). .
- وأُعِيدَ اسمُ السَّاعةِ دونَ أنْ يُؤتَى بضَميرِها؛ لقصْدِ التَّهويلِ، ولتَكونَ الجُملةُ مُستقِلَّةً بنفْسِها؛ فتَسيرَ مَسيرَ المَثَلِ [448] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/174)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/214). .